رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كيف تصبح مليارديرًا

إذا كنت ترغب في أن تصبح مليارديرًا فالأمر في مصر غاية في البساطة، ولن أبالغ إذا قلت إنه أسهل من أن تحاول أن تعيش مستورًا، ولا يهم إذا كنت غير متعلم،  أو لا تمتلك ما تستثمر فيه لتصبح مليارديرًا، ولا يهم أيضًا إذا كانت البيئة المحيطة بك تعاني فقرًا وجهلًا، ولا يهم إذا كنت عاطلًا عن العمل ولك سوابق في السرقات، فربما يكون جهلك وفقرك وكونك عاطلًا ولصًا عوامل مساعدة في إختصار الطريق.


طريقة انضمامك إلى قائمة الملياديرات وضع قواعدها في العقود الأربعة السابقة شخصيات مثلك، كانت على فيض الكريم ثم أصبحت نجومًا كبار في البيزنس، واتجهت إلى السياسة لتحصن ثرواتها، وفي العقدين الأخيرين.. ظهرت فئة من الشباب كانت على فيض الكريم، لكنها ابتكرت طريقة أخرى أسرع، تنتشلك من الفقر وتضمك إلى قائمة المليارديرات، ورغم التباين بين الفئتين الكبار والشباب إلا أن القاسم المشترك بينهما هو الفهلوة التي كانت أساسًا لانطلاقتهم.


أما الكبار فحصلوا على مساحات كبيرة من أراضي الدولة بكل الطرق، مشروعة بجنيهات، وغير مشروعة بلا شيء، وكانوا أول من نحتوا مصطلح التسقيع ثم استخدموا مسئولين لتحويل نشاط الأراضي من زراعي إلى سكني، لتباع  بالمتر بعد أن كانت تباع بالفدان، هذه الفئة من الفهلوية الأولين هي من تمتلك المليارات حاليًا، ومنها نجوم سياسة أيضًا.

ظاهرة المستريح


الفئة الثانية التي اختصرت الطريق إلى المليار كانت أكثر بجاحة حيث اختارت الإيقاع السريع الذي يتناسب مع عصر أغاني المهرجانات، شباب عاطل يجمع أموال الناس مدعين توظيفها.. ثم يهربون بما جمعوا، وهذه الفئة نحتت مصطلح المستريح ربما لأنهم يجمعون أموالهم بطريقة مريحة.


في يناير ٢٠٠٨ كان أول عهدي بظاهرة المستريح حيث استضفت في القناة مجموعة من ضحايا شاب من منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية، جمع أموالهم لتوظيفها في كروت الشحن، وهي القضية التي حملت نفس الإسم في ذلك الوقت، واتضح فيما بعد أن شخصًا والده كان في منصب مرموق يساند الشاب النصاب، ورغم التحذير الذي أطلقناه لتوعية الناس طوال الأيام التي ناقشنا فيها القضية إلا أن النصب لم يتوقف، وكذلك الطمع.


وفي أبريل عام ٢٠١٥ كانت قضية أحمد المستريح حيث استضفت ضحاياه من عدة محافظات بعد أن جمع منهم ملياري جنيه وفر هاربًا، وهي نفس طريقة مستريح أبو زعبل، لكن الناس لم تعتبر، وفي هذه المرة، وأثناء استضافتنا للضحايا.. إتصل بي المستريح الذي كان يعمل معه عشرات المساعدين، وعرض علي مبلغًا طائلًا للتوقف عن مناقشة القضية، كنت على تواصل مستمر مع وزارة الداخلية، وأبلغتها بما حدث، وبأنني أقنعت المستريح بالدخول على الهواء تليفونيًا ليرد على الإتهامات، فظل يتحدث قرابة الساعة حتى تمكنت وزارة الداخلية من تحديد مكانه وألقت القبض عليه في منطقة الدقي، وبعدها أطلقنا حملة لتحذير الناس، ولكن كالعادة.. دون جدوى.


وفي مايو ٢٠٢٠ ظهر مستريح في مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية، جمع القمح ومئات الملايين من الناس وهرب، ووقتها إعتقدنا أن الجميع إستوعب الدرس، ولن يقبل الناس النصب عليهم مرة أخرى، لكن في العام التالي ظهر مستريح آخر في نفس المركز، جمع من الناس مئات الملايين بنفس الطريقة وفر هاربًا، وها هو مصطفى البنك مستريح جديد، يشعل هو ومعاونيه محافظة أسوان، بعد أن جمعوا المليارات من الغلابة.

 


ما يحدث في أسوان لن يطوي صفحات ملف النصب بالفهلوة، فالملف الذي فتحه الأولون منذ أربعة عقود سيظل مفتوحًا، لأن الفقير الطامع  في زيادة دخله موجود، والنصاب الفهلوي موجود، ومن يسانده أيضًا موجود.

besheerhassan7@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية