رئيس التحرير
عصام كامل

الأزهر الذى لا يعرفه أحد!

للمسلمين قبلتان: قبلة دينية فى الكعبة الشريفة بمكة المكرمة، وقبلة علمية هى الأزهر الشريف فى القاهرة، ومنذ أن تم بناء الجامع الأزهر منذ حوالى 1040 عاما كان مصنعا للقادة والثوار والسياسيين، ليس في مصر فقط ولا في العالم العربى فحسب لكن في العالم كله. لذلك أدرك محاولات البعض النيل من مصر بهدم قبلتها وتشويه رموزها من جهة ومن جهة ثانية بالنيل من الإسلام من خلال  محاولة هدم ثوابته أو النيل والتشكيك في رموزه.

 

نعم لا أحد معصوم سوى النبى عليه الصلاة والسلام لكن هناك فارق بين التفكير والتكفير، بين الحرية وعدم إحترام مشاعر البعض حتى ولو كانوا قلة فما بالكم لو كانت أغلبية. 

 

أذكر مثلا واقعة عندما زار العالم المصرى الشهير الدكتور أحمد زويل قبل رحيله بسنوات أحد دول جنوب شرق آسيا وفى لقاء له برئيس الدولة هناك قدمه الوزير المصاحب بأنه مستشار الرئيس الأمريكى بارك أوباما للشئون العلمية، وتم تبادلا التحية والسلام بشكل رسمى أو قل سلام بارد دبلوماسى وفجأة انقلب الموقف أثناء الحديث عندما عرف من الدكتور أحمد زويل أنه مصرى، فأوقف الرئيس كلامه ونهض كمن مسته رعشة ورجفة سماوية ووقف وقال دعنى أسلم عليك مرة أخرى فأنا تعلمت فى الأزهر وعشت فى مصر أحسن سنوات عمرى. وكان سلاما حارا يليق بتاريخ مصر وأزهرها، سلام جعل زويل نفسه يفتخر أنه مصرى ومن بلد الأزهر.

 

وقائمة خريجى الأزهر لا نبالغ إذا قلنا أنها بعشرات الملايين، وهو العدد الذى لا يوجد نظيره فى أى جامعة فى العالم، فضلا عن تنوع قاعات الدرس فيه من العلوم الشرعية إلى العلوم الإنسانية والطبيعية. وأى تأثير علمى وفكرى ودينى للأزهر لا يمكن حصره، ولذلك أستغرب حملات التشكيك في دوره..

 

دور الأزهر

 

نعم الأزهر كمؤسسة قد يكون عليه بعض الملاحظات لكن كدور وموقف وريادة وقيادة علينا أن نقف جميعا إجلالا واحتراما.. علينا أن ندرك محاولة قص ريش قوى مصر الناعمة سواء في المؤسسات أو الرموز أو التاريخ.. لأن المراد هو جعل مصر بلا روح ولا عقل ولا وجدان حتى يسهل هدمها أو على الأقل إخراجها من ساحة الفعل والتأثير إلى خانة المفعول به.. من دول الدور والريادة إلى دول السطحية.

 

والأزهر بين جنباته بنيان يدعو إلى إعمال الفكر بطريقة عملية عند نقاش الآراء الفقهية المختلفة والمدارس الفكرية المتعددة على سبيل المثال، لذلك استغرب أى عطب في مسيرته أو هجوم عليه غير مبنى على أسس.  خاصة وأن هدم الدول الآن لا يتم بالجيوش لكن بهدم الثوابت وقتل الرموز واعدامهم.. وهناك فارق بين النقاش وبين الهدم، بين الفكر وبين هدم الأسس.

 

نعم نطالب بتطوير الخطاب الدينى لكى يتناسب مع العصر بشرط أن يتم الحوار بأفق مفتوح من كلا الجانبين بعيدا عن التشدد والانغلاق أو الغرض والمرض.. وأعتقد أن الفكر والعلم والحجة العلمية ومقارعة الحجة بالحجة وهى ركائز الفكر والفقه الإسلامى هي السبيل الوحيد للتطور.

 

والإسلام لا يرعبه انتقاد هنا أو هناك لكن يشوهه الانجرار بعاطفة مشوبة بالغضب لمواجهة أى نقاش مهما عظم مع التأكيد أن الدين في مصر له طبيعة خاصة فقد عرفه المصريون قبل نزول الرسالات السماوية بالاف السنين.

 

لا تخشوا على الإسلام في بلد إخناتون الذى عرف التوحيد قبل بعث الأنبياء بالاف السنين ولا تخشوا على الإسلام في بلد الأزهر قبلة المسلمين العلمية، أغلقوا أى محاولات لجر مصر إلى الفتن بالعقل والفكر لان غير ذلك هو المقصود من أعداء الإسلام وأعداء مصر. 

 

وأى إحصاء لعدد الخريجين  من الأزهر لبيان دوره في العالم سوف يستلزم جهودا جبارة وستكون المحصلة بالتقريب فى أحسن الأحوال لعدم وجود سجلات حقيقية لطلابه منذ إنشائه وحتى الآن. القائمة كبيرة لكن من واقع بعض صفحات رابطة خريجى الأزهر ننقل بعض الأسماء الموجودة الأن فى كل المجالات فى بلادهم وهذه مجرد عينة أو نقطة فى بحرالأزهر. 

 

 

من الرؤساء فى السنوات الماضية والقريبة يقف رئيس إندونيسيا العظيم سوهارتو على قائمة طويلة من رجال الحكم فى شرق أسيا والعالم الثالث مثل مأمون عبد القيوم الرئيس السابق دولة المالديف ورئيس جزر القمر ومن السفراء الحاليين فى القاهرة سفير دولة غينيا الاستوائية. ناهيك عن الزعيمان أحمد عرابى وسعد زغلول. وأسماء أخرى كثيرة ممن احتلوا أعلى الوظائف في بلادهم من البوسنة والهرسك وليبيا ولبنان وباكستان وفلسطين وانجلترا والكويت وتركيا والأردن وقطر والبحرين وسوريا والسعودية والهند وأمريكا والسودان والعراق وتونس وعمان والإمارات واليابان وكوريا الجنوبية والأرجنتين وسريلانكا وماليزيا وتايلاند وكينيا  ونيجيريا. 

هذا مجرد نقطة ولن أقول سطرا فى مجلدات خريجى الأزهر فهل يؤثر فيه كلمة من هنا وهناك.. ومع ذلك قوة الأزهر في حيوية رجاله وجهد علمائه وعليهم عدم ترك الساحة للمدعين الذين يشوهون الإسلام من جهة ويكونون بمثابة الخنجر في ظهورنا جميعا.

Yousrielsaid @yahoo.vom 

الجريدة الرسمية