رئيس التحرير
عصام كامل

الثروة والشهوة؟!

من يوم لآخر يصحو المصريون على أخبار زلزالية، دون أية مبالغة فى هذا التوصيف، وهم حين يطالعونها ترتد إلى صدورهم كل خناجر علامات الاستفهام والتعجب.

 قبل يومين ألقى القبض على محمد الأمين، رجل الأعمال صاحب قنوات فضائية، ومشروعات عقارية، بتهمة الاتجار بالبشر. مما يعنى عرض أشخاص طبيعيين للبيع أو الشراء، ثم مع بيان النيابة، وهو الأدق، تبين أن الاتهامات الموجهة للامين هتك العرض، ومعناها ملامسة العورات، وهى فعل جسيم وفق القانون لأنه اعتداء بالقوة أو بالتهديد على حياء المجنى عليه. 

 

الاغتصاب فعل اتصال جنسى كامل بالقوة.. الهتك إخلال جسيم بعرض الشخص وحصانة جسمه، ولم يأت ذكر لاغتصاب في البيان، ومنذ لحظة الإعلان عن القبض، وبيان الاتهام الصادر عن النيابة العامة والمجتمع كله في حالة صدمة، ولا أظن حزنا كما شعرت بالحالتين وزيرة التضامن السيدة نيفين القباج. سبقت واقعة الاتهام لمحمد الأمين بالاتجار فى البشر، واقعة حسن راتب المتهم بالاتجار في الحجر، أثار مصر التاريخية، مع تشكيل عصابى!

 

الثروة والشهوة


مفردات تعكس حقائق من أشخاص، شكلت وقائع الاتهام والتحريات حولهم الصدمة. بالطبع، فإن الناس كالعادة، فريق متشف فى رجال أعمال افتروا، ولم يحفظوا نعم الله، ويقترفون الموبقات، وهنا الخيال ينطلق، وفريق يرى التلفيق، ويجعل توقيت الكشف عن الوقائع الخزية لو صحت مريبا رغم أن العمل في هذا الملف بدأ من نوفمبر الماضى وببلاغ من مجلس الأمومة والطفولة.

 حين تحاول إقناع فريق التلفيق بأنه ليس ثمة مصلحة لأحد، وأن اليتميات الست تمت مناظرة مواضع الهتك، وأن الشهود من فتيات الدار الثمانية عشرة، ليست في صالح صاحب الدار ومؤسسها، في بيت عائلته ببنى سويف محمد الأمين.


سيمضى المجتمع يلوك هذه القضية، كالعادة، وإن هى إلا أيام حتى يلتف النم العام حول ملف آخر. الملفت أن المخازى تتجه صعودا، وأن أبطالها صاروا كأبطال المآسى، لأن كل من سقط فى وحل كهذا لابد ان له أسرة، زوجة وأولادا وأحفادا، وهؤلاء لهم علاقات ومعاملات، في المدارس والجامعات والنسب.


ما علاقة الثروة بالشهوة؟ هل هى سبب ونتيجة؟ هل من الطبيعى أن تحجب الثروة رشاد العقل؟ هل تعمى الثروة البصيرة، وتفتح بئر الشهوة؟ الرد الطبيعى أن بمصر رجال أعمال كثيرين محترمون، معروفون أو غير معروفين، اختاروا العمل في الظل، وفي الهدوء، بلا صخب إعلامى، وهؤلاء يصونون عطاء الله، ويفتحون بيوتا، وينتجون، وتمثل مشروعاتهم إضافة للاقتصاد القومى، نذكر منهم بكل الخير الراحل محمود العربى والراحل محمد فريد خميس، ومنهم أحياء لا نذكر اسمهم حتى لا نتهم بالتزلف!. من أجل هذا ينبغى حساب كل واقعة بصاحبها وليس بالتيار. المنتمى إليه من عاث أو أتهم بالفساد الاخلاقى أو المالى.

 


في كل الأحوال، فإن النيابة العامة أمينة على صحة وقائعها والأدلة، وهو ما سيحال للفصل فيه أمام القضاء، وحين يصدر القاضى أحكامه بدرجاتها، وبعد استنفاد مراتب الطعن، فإن الحكم هو عنوان الحقيقة بقدر تيقن الضمير القضائي. أما عن تلهف المجتمع لملف جديد ؛ فإن غرف البيت كلها صارت تحت التعرى، وكلنا مكشوفون!

الجريدة الرسمية