رئيس التحرير
عصام كامل

الحصاد المر.. الدكتور محمد عبد العاطي: إيداع الآباء دور المسنين "قمة العقوق".. ويجوز إخراج الزكاة لها

أرشيفية
أرشيفية

أكد الدكتور محمد عبد العاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات فرع جامعة الأزهر فى القليوبية، وأحد علماء الأزهر الشريف، أن الأحكام الشرعية المطلقة تحتاج إلى عملية تدقيق، فلا يمكن الحكم على مسألة أنها حرام أو حلال دون الاستناد إلى دليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية المشرفة أو إجماع المسلمين، ولذلك المسائل لا تؤخذ بالهوى أو بالرأى الشرعى، مشيرًا إلى أنه لا يوجد دليل شرعى صريح على مسألة تحريم وضع الأبناء لآبائهم فى دور رعاية المسنين، ولكن يتم قياس المسألة من خلال القواعد والنظرة العامة، حيث ينظر إلى من فعل ذلك على أنه من باب عقوق الوالدين، فالابن الذى أخذ مُلحة أبيه، وأبوه بذل عمره من أجل إرضائه وإسعاده وتربيته والعناية به، وهو فترات ضعفه واحتياجاته، فهل بعد ما يكبر هذا الشاب وتكون له استقلالية، يتخلى عن أبيه الذى بطبيعة الحال تدور عليه الدوائر ويكون فى حاجة إلى عون أولاده، بهذا يعد من باب العقوق، خاصة أن القرآن الكريم قال: {وَقُل ربِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.

دور الجمعيات الخيرية

وأضاف "عبد العاطي" فى تصريح خاص لـ"فيتو" أن المسألة أيضا تقدر بقدرها، فلو أن رجل مُسنًّا ليس معه أحد، ولم ينجب وتوفيت زوجته، وأصبح غير قادر على الزواج، ولم يكن له أحد، فلا مانع أن تتعهد به الدولة أو الجمعيات الخيرية، بأن يوفروا له مكانًا فى دور رعاية أو مسنين، وهذا من باب التكافل بين الناس، ومن باب الواجبات المجتمعية بين الناس، ومن باب واجب الدولة على مواطنيها، أيضا فكما أخذت الدولة خير هذا الشخص الذى كان موظفًا أو غيره وكان يخدم المجتمع والدولة، فالأولى أنه عندما يضعف أن تتولى الدولة أمرة وتتكفل به، كما يوجد حالات أخرى يكون للشخص ولد واحد، وتوفى زوجته، ويكون هذا الولد غير قادر على أن يعين أبوه أو يقوم على رعايته بسبب مرض مزمن أو ما شابه ذلك، فيكون هنا من باب الرعاية بوالديه أن يذهب به إلى إحدى دور الرعاية من أجل أن يقوم أحد على رعاية والده، ففى مثل هذه الحالات لا يكون من باب العقوق، بل يكون من باب الرحمة بحال الوالد، ولذلك نقول إن الضرورة تقدر بقدرها.

وأوضح عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات، أن الأبناء الذى يرضخون إلى رغبة زوجاتهن من أجل أن يذهب بوالديه إلى إحدى دور المسنين دون سبب لذلك، فيكون ذلك من باب عقوق الأبناء، وعلى الإنسان أن يدرك أننا فى دار غربة وليست دار إقامة، وأن يعمل الإنسان لآخرته وأن يتزود لها، لافتا إلى أنه يجوز إخراج الزكاة إلى دور الرعاية والمسنين؛ لأنها من باب «فى سبيل الله»، كما يجوز إخراجها إلى المستشفيات والمدارس وغيرها من المؤسسات التى تعمل على تقديم الخدمة للمواطنين.

ووجه "عبد العاطي" رسالة إلى كل شاب يفكر فى إيداع إحدى والديه فى دور المسنين دون حاجة إلى ذلك قائلا: "تذكر أنك الآن شاب، وغدًا ستكون شيخًا كبيرا، وكما تفعل يُفعل فيك، وكما تدين تدان، فاعلم أنك إذا نظرت نظرة سيئة إلى أحد والديك فسينظر إليك نفس النظرة عندما تكبر، وإذا كنت تريد أن تضع والديك فى دار المسنين وأنت قادر على رعايتهما فانظر إلى مرآتك، وخاطب نفسك خطاب العقل، واعلم أن الدائرة ستدور عليه بعد ذلك.

وفى سياق متصل، قال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا ينبغى أن نتعجل فى الحكم على المسألة ووصف الأبناء بالجحود وغيره من الصفات المذمومة، فالأصل أن يرعى الأبناء والديهما حين الكبر، لكن تظل الظروف متفاوتة بين الناس، فقد يكون دافعهم التكريم له وحسن رعايته.

وبين "ممدوح" أنه قد يعانى الرجل من ألزهايمر، ولا يوجد من يقوم على خدمته، فتركه هنا ظلم له، وبالتالى لا ينبغى التسرع بالحكم على فعل الناس دون تبين جميع جوانبه.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية