رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الشائعات الخطر الداهم على الأفراد والشعوب

الشائعات هي سلاح العصر الحديث في أيدي مخابرات الدول الكبيرة، وأيضا في أيدي الأفراد الذين يريدون النيل من خصومهم بطرق غير مشروعة وغير أخلاقية،  وفي وقتنا الحالي ومع زيادة انتشار ما يعرف  بوسائل  التواصل الاجتماعي أصبحت الشائعات هي سلاح الجبناء والخبثاء من الأفراد للحصول على مكاسب ذاتية سواء كانت مالية أو اجتماعية أو اقتصادية  من خصومهم بإبتزازهم عن طريق الشائعات،  وحتى نعرف موقف الإسلام من الشائعات لا بد أن نعرف ما هي الشائعة، فالشائعة يقابلها الكذبة، والكذب في ديننا وفي جميع الاديان السماوية محرم،  وقد أجازه -أي الكذب- رسولنا الكريم في مواطن ثلاثة في الصلح بين الناس والزوج على الزوجة وأخيرا في الحرب مع الأعداء، وهناك ضوابط وقيود بالطبع..

 

وفي زماننا وكعادة أهل زماننا تم تغيير الأشياء عن مسماياتها الأصلية من أجل خداع الناس وخداع أنفسنا إننا لا نفعل شئ محرم، مثل تغيير مسمى الخمر بالمشروبات الكحولية حتى يخفف من وقعها على النفس وتتقبله، والمؤسف أن هذا الأمر وهو الشائعة يستخدمه من يدعي أنه صاحب دعوة، وتستخدم الشائعة بين الدول وذلك في صورتها الأضخم،  وهناك أجهزة مختصة في هذا الأمر ففي كثير من دول العالم وذات مسؤوليات كبيرة ينظر إلى ذلك الأمر بأنه حرب مشروعة  أو ما  يسمى حروب الجيل الرابع وهذا له مايبرره في السياسة بين الدول.. 

الشائعات والوعي السليم

ولكن الذي أعنيه هو استخدام بعض ممن ينتسبون إلى ما يسمى بالإسلام السياسي ويعلنون الحرب على خصومهم أو من ترك فكرهم وهم في ذلك يرون أنفسهم أنهم يحسنون صنعا.. ونسوا أن الشائعة ما هي إلا كذبة يتحمل وزرها ووزر من أذاعها إلى يوم الدين وهي في نفس الوقت حسنات تضاف إلى من أطلقت الشائعة ضده، ويأتون يوم القيامة في صحائفهم سيئات لا يدرون من أين أتوا بها، ويكتشفون إنها من الشائعات التي أطلقوها ضد أناس لا ذنب لهم إلا انهم تركوا فكرهم وبينوا للناس زيف منهجهم.

وقد عالج القرآن الكريم هذه الآفة وهي الشائعة في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" وقد فسر المفسرين هذه الآية الكريمة فقالوا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) أي فتعرفوا وتفحصوا وذكروا واقعة حدثت على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، عندما  بعث الوليد ابن عقبة أخا عثمان -رضي الله عنه-  لأمه مصدقا إلى بني المصطلق كان بينه أحنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسب أنهم مقاتلوه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة، فهم -عليه الصلاة السلام- بقتالهم فنزلت هذه الآية..

وقيل أيضا أنه صلى الله عليه وسلم  بعث إليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين فسلموا إليه الصدقات، وفي قراءة أخرى لهذه الآية التي نحن بصددها (فتثبتوا) أي توقفوا إلى أن يتبين لكم الحال (أن تصيبوا) حذارا أن تصيبوا (قوما بجهالة) ملتبسين بجهالة حالهم (فتصبحوا) بعد ظهور براءتهم عما أسند إليهم (على ما فعلتم) في حقهم (نادمين) مغتمين غما لازما متمنين أنه لم يقع..

 هكذا وضح لنا القرآن الكريم كيف نتعامل مع الشائعة، فلا بد للناس من أن يتبينوا ويتحققوا حتى لا نحكم على الناس بالباطل ويعاقبوا على ذنب لم يقترفوه، فإن المجتمع الذي ينجح في القضاء على الشائعات في مهدها هو مجتمع متماسك ومترابط وعصي على الأعداء أن يحدثوا فيه الفتن والدسائس، وإن المجتمع القادر على التغلب على الشائعات بالوعي السليم هو مجتمع قوي ومتين يستطيع أن يلملم شتاته ويضمد جراحه ويقيل عثراته ويبني دولته ويحقق طموحاته وآماله.

Advertisements
الجريدة الرسمية