رئيس التحرير
عصام كامل

جواد بوخمسين يكتب: مصر.. "قد الدنيا"

جواد بوخمسين
جواد بوخمسين
أرض الكنانة بالنسبة لي ليست مجرد بلد جميل أزوره، أو أتابع فيه أعمالي واستثماراتي، مصر بالنسبة لي بلدي الثاني فعلا لا قولا.. وتشهد علي ذلك معطيات كثيرة لا مجال لها هنا، فلست أتاجر بحبي لهذا البلد العظيم المضياف.


حنيني إلي مصر بلغ مداه في الفترة الماضية، فقد حالت ظروف اجتياح وباء كورونا للعالم كله دون أن أزور مصر مرة ومرات كما تعودت..
لقد غابت مصر عن عيني ولكنها لم تغب أبدا عن وجداني وعقلي فهي في القلب دائما بشموخها ومكانتها العربية والإقليمية والدولية، وهي المكانة التي تتزايد يوما بعد يوم، في ظل مواقف عروبية وأخلاقية تتسم بها مصر دوما، لا سيما في عهد الرئيسي عبدالفتاح السيسي وتبنيه الدائم لقضايا أمته امتدادا لتاريخ طويل حافل كانت فيه مصر سندا لأشقائها من الدول العربية لاسيما الخليجية، كما أننا في الكويت ودائما إلي جانب الرؤية المصرية والحق المصري وهو ما يتبلور دائما في سياسات حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد تجاه العزيزة مصر شعبها وقيادتها، وفي هذا السياق فقد أكدت الكويت دعمها لحق مصر والسودان في مياه النيل، والذي يمثل شريان حياة المصريين، ولا شك أن الموقف الكويتي الرسمي من هذه القضية الحيوية لأشقائنا إنما هو تعبير وتجسيد لإرادة الشعب الكويتي العظيم المعروف دوما بنصرته للحق.

وكما قلت لم يكن غيابي عن مصر إلا غياب رؤية العين ، وكنت أحسبه ثانويا غير أني ومنذ أن وطأت قدماي مطار القاهرة مرورا بشوارعها حتي مقر إقامتي هالني ما رأيت وأدركت أنه قد فاتني الكثير والكثير مما يحدث في مصر من طفرات رغم أنني لم أغب عنها سوي بضعة أشهر لا تعد شيئا في حسابات الدول.




صافحت عيناي أول ما صافحت طريقا صار حريريا مزدانا بالورود، في تنسيق بديع منذ خروجنا من منطقة المطار وهو ما يعرف بطريق العروبة وامتداد شارع صلاح سالم، ثم مجموعة هائلة من الكباري التي جعلت الطريق أكثر انسيابية، وعلمت أن ما رأيته ليس إلا القليل من شبكة طرق حديثة تمتد في كل شرايين القاهرة وحولها، وتربطها بالمدن المحيطة، ولاسيما العاصمة الإدارية الجديدة وهذه وحدها قصة ملحمية لمنطق فكري خارج الصندوق أو خارج المألوف.

فقد كانت العاصمة الإدارية المصرية الجديدة حلما جميلا ومشروعا ورديا علي الورق، ولكنها صارت واقعا أجمل من خلال تخطيط مدروس علي أعلي مستوي تجتمع فيه وزارات مصر ومقر مجلس الوزراء في مكان واحد, وآخر للسفارات ومنطقة للأعمال .. أما النهر الأخضر الذي يقام علي مساحة ألف فدان فحدث ولا حرج.. والأهم من هذا كله أنها مدينة ذكية بكل معاني الكلمة.
ويقف مبني الأوكتاجون أو مقر القيادة المركزية شامخا بتكنولوجيا غير مسبوقة تليق بمقر القيادة المركزية لدولة مثل مصر تاريخها يمتد لنحو 7 آلاف سنة من الحضارة، وتأتي العاصمة الإدارية لتؤكد أن قدرة أحفاد الفراعنة علي الإبداع لا تقل بل تفوق الأجداد العظام.

وليت العاصمة الإدارية وحدها فهناك 37 مدينة جديدة يتم إنشاؤها في مصر من أقصي الشمال لأقصي الجنوب ومن أقصي الغرب إلي أقصي الشرق، ويكفي أن تتجول في شوارع مدينة العلمين الجديدة في الساحل الشمالي

 إنها بحق تحفة معمارية متكاملة تضيف أبعادا غير متناهية لقدرات مصر السياحية.

وليست المدن والطرق وحدهما .. فالحقيقة أن مصر تنهض بل تنتفض في مختلف المجالات زراعيا وصناعيا وإنتاجيا، وأيضا وفي المقدمة اجتماعيا..

فالمواطن المصري تعليما وتثقيفا ورعاية في بؤرة الفكر والتخطيط والتنفيذ.. فكل ما يخطط وينفذ من مشروعات يستهدف تنمية المواطن ورفع مستوي معيشته، ليس فقط من خلال زيادة الأجور وتحسين الخدمات الصحية والمرافق وغيرها، بل أيضا هو محور التنمية وهو الأساس في الجمهورية الثالثة التي أعلن عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وليس مشروع حياة كريمة باستثماراته المقدرة بنحو 700 مليار جنيه إلا دليلا حيا، فهذا المشروع الأضخم تنمويا يستهدف تحسين حياة الإنسان المصري، الذي صارت له الأولوية الأولي والقصوي في الدولة المصرية أو الجمهورية الثالثة..

فليست الجمهورية الثالثة شعارا ولكنها منهج حياة تنتهجه مصرالسيسي وتمضي فيه بثبات، فقد تلاقت أحلام المصريين مع إرادة رئيس قال يوما: مصر ستكون قد الدنيا، وها هو يمضي يوما بعد يوم نحو هدف صار قاب قوسين أو أدني لبلوغ غايته لتصبح مصر ليست فقط أم الدنيا بل قد الدنيا.

& كاتب المقال رجل أعمال كويتي ومؤسس جريدة النهار الكويتية التي تنشر هذا المقال في عدد الاثنين 26 يوليو 2021.
الجريدة الرسمية