رئيس التحرير
عصام كامل

صفقات المهرجانات.. مساومات غير مباشرة لتبادل المنفعة.. وطارق الشناوي: محاولة مكشوفة لـ"ركوب التريندات"

عمر كمال مع سمية
عمر كمال مع سمية الخشاب
حالة من الجدل الفني أثارتها تلك الديوهات الغنائية التي انتشرت مؤخرًا والتي جمعت بين مطربي المهرجانات وفنانات من نجمات الصف الأول، خاصة من تلك اللاتي قدمن أدوارًا مميزة في الماراثون الدرامي ضمن مسلسلات رمضان الماضي 2021.


ورغم ما حققته تلك الديوهات الفنية من ملايين المشاهدات على شبكات التواصل الاجتماعي وموقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب"، إلا أنه كان في المقابل سيل من الانتقادات خاصة من الجمهور، ممن رأوا أن جماهيرية الفنانة قد تتأثر سلبًا بمشاركتها في دويتو غنائي مع أحد مطربي المهرجانات.

وذلك على خلفية تلك الحملة الشرسة الموجهة لمطربي هذا اللون من الغناء، وكان في مقدمة محاربي ذلك اللون نقابة الموسيقيين نفسها برئاسة نقيب الموسيقيين المطرب هاني شاكر الذي كان أصدر قرارًا بمنع قائمة تضم العشرات من مطربي المهرجانات من الغناء، مهددًا من يخالف القرار بالملاحقة القانونية.

منفعة متبادلة
وفي هذا السياق ترى الناقدة الفنية خيرية البشلاوي، أن مشاركة كل من الفنانات سمية الخشاب وياسمين رئيس ومن قبلهما نيللي كريم، وعدد من مطربي المهرجانات كليبات غنائية ليس بالأمر الجديد أو المستغرب.

فأغاني المهرجانات فرضت نفسها على الذوق العام وما يحدث من انتشار كبير لها ما هو إلا انعكاس للمناخ الفني والثقافي الذي نحن بصدده خلال الفترة الأخيرة، فأغاني المهرجانات إفراز طبيعي وشرعي للمناخ الفني السائد، على الأقل فإنها تخاطب السواد الأعظم من مواطني الشارع، وكذلك فئة من المثقفين أنفسهم الذين يستمعون ويتابعون ذلك اللون من الأغاني، فلا يمكن الحجر عليهم أو مطاردتهم أو تجاهل ما حققوه من نجاح جماهيري فقبولك أو رفضك لما يقدمونه لن يغير من حقيقة تواجدهم وانتشارهم في شيء.

أما عن مشاركة فنانات أو فنانين في دويتوهات غنائية مع مطربي المهرجانات فما هو إلا محاولة من الفنانة أو الفنان باختلاس جزء من جماهيرية مطرب المهرجانات لصالحه، فهو نوع من المساومات والمواءمات المرئي منها والخفي، فقد تجد بعضهم ممن تغيب لفترة عن الساحة الفنية فيتحين لنفسه الفرصة لسطوع نجمه مرة أخرى.

أو حتى هؤلاء ممن لا زالوا متواجدين فما المانع من مضاعفة الجماهيرية والنجاح واستثمار تردد اسم مطرب مهرجانات على ألسنة الناس في الشارع ليقترن اسم الفنان أو الفنانة معه، خاصة وأن الجمهور المستهلك لأغاني المهرجانات ليس بقليل فغالبيتهم من محدودي أو متوسطي التعليم.

الانتشار
وتابعت البشلاوي: أحد الأسباب الأخرى التي ساهمت في أن تكون هذه النوعية من الأغاني جزءًا من الثقافة ما يحدث من مجزرة تعليمية على كافة مستوياتها، حتى إن طلبة التعليم الخاص والإنترناشيونال تجدهم منجذبين لنفس النوعية من الأغاني ولكن الغربي منها، وبالتالي تجد من أهم أقل منهم في المستوى الاجتماعي والاقتصادي يجدون متعتهم في أغاني المهرجانات العربية مهما كانت تحمل من كلمات أو عبارات دون التركيز إن كان لها لحن مفهوم أو صوت مميز يؤديها.

وهذا ما نجده في ظاهرة محمد رمضان الذي بمجرد خروجه بمقطع يصفه بالغنائي يتصدر التريندات ومحركات البحث فيجد ما يثبت به لنفسه أنه «نمبر وان»، كما يردد دوما عن نفسه ولكنها جماهيرية وشعبية وقتية ولحظية زائفة، فأصبحت أغاني المهرجانات التطور الرجعي العكسي لما كنا نتوقعه مما تربينا عليه من أغاني طربية وأصوات راقية وكلمات سامية.

ركوب التريندات
ومن جانبه يقول الناقد الفني طارق الشناوي: إن أغاني المهرجانات أصبحت جزءًا وحالة في الحياة الغنائية، ولعل السبب في ذلك سيل الهجوم والمطاردات التي لاحقت مطربي المهرجانات في بداية ظهورهم وقد لعبت تلك المطاردات دورًا عكسيًا على ما اعتقدت نقابة الموسيقيين بملاحقة هؤلاء المطربين.

وتخيلت أن تواجدهم مسألة معركة دخلتها النقابة وهذا ليس صحيحا بل كان الإفراط في مهاجمتهم ورفضهم حافزًا أكبر لانتشارهم وأصبحوا أكثر طلبا في الشارع الذي ينجذب تلقائيا لكل ما هو ممنوع أو مرفوض خاصة لو كان ذلك الرفض أو المنع من قبل صوت رسمي المتمثل في نقابة الموسيقيين، فأصبح الشارع يردد أغانيهم.

أما عن تلك الموجة من الانتقادات الموجهة لفنانات أو فنانين لمشاركتهم مطربي مهرجانات في كليبات غنائية فالأمر ليس بالجديد، فمع بداية ظهور هذا الجيل ممن يرددون أغاني المهرجانات وحققوا الانتشار والشهرة بدأ عدد من المطربين في التعامل معهم كل بطريقته، فمنهم من أدى ذلك اللون الغنائي مثل المطرب محمد فؤاد، وغيره ولكن لم يتمكنوا من تحقيق الشهرة المماثلة التي حققها مطرب المهرجانات.

وذلك لأن أغاني المهرجانات يغنيها مطرب المهرجانات فالشارع هو من سيتقبله بشكله وطريقته وكذلك أدائه، وهناك فريق آخر من المطربين تعامل بطريقة مختلفة وكان أبرزهم المطرب عمرو دياب الذي لم يذهب لمنطقة المهرجانات بل استقطب بعض مفرداتها إلى منطقته وأداها بطريقته فحققت النجاح الكبير والمستمر.

وتابع الشناوي: أما في التمثيل فالموضوع يختلف في درجات النجاح وذلك لأن مشاركة الممثل في كليب غنائي من هذا النوع فهو محاولة من استقطاب جزء من نجاح المطرب لصالحه ولكن في النهاية النجاح إجمالا يحسب للمطرب لأنه هو من يقود القاطرة وليس الفنان.

وأعتقد أن هناك جانبًا إيجابيًا من تلك الظاهرة وهي أن نجد رقيًا وسموًا وتهذيبًا لبعض الكلمات لتناسب قيمة الفنان المشارك في الدويتو الغنائي وإن كان الهجوم السابق على أغنية «بنت الجيران»، أجد فيه بعض التحامل لذكر كلمتي خمور وحشيش، فكان الهجوم مجرد استرضاء للشارع وليس نقدا فنيا محايدا لأن السياق الذي ذكرت فيه الكلمة كانت كتهديد من المطرب لمن يغني لها.

ورغم ذلك تم استبدالها بكلمات أخرى أكثر تهذيبا فكان هذا هو المطلوب من البداية وليس الهجوم والمنع، والتاريخ الفني والغنائي مليء بمثل هذه الأمثلة حينما غنى موسيقار الاجيال الراحل محمد عبد الوهاب أغنية حملت اسم «الدنيا سيجارة وكاس».

وكانت خلال الأيام الماضية أطلق مطرب المهرجانات حسن شاكوش ديو غنائي مع الفنانة ياسمين رئيس بعنوان «حبيبتي افتحي شباكك انا جيت»، وفي المقابل شاركت سمية الخشاب مطرب المهرجانات عمر كمال أغنية «أوعدك – ملبن مصر»، مما أثار حالة من الجدل تبعها إعادة نشر للديو الغنائي الذي شاركت فيه نيللي كريم فرقة المدفعجية بعنوان «دولا دولا».

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية