رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير الوفدي مكرم عبيد يهنئ المسلمين بصيامهم وعيدهم

الوزير الوفدى مكرم
الوزير الوفدى مكرم عبيد
فى رسالة تحمل الاخوة الصادقة بين أبناء مصر مسلميها ومسيحييها كتبها الوزير الوفدى القبطى مكرم باشا عبيد ونشرتها مجلة الإثنين والدنيا عام 1947يقدم فيها تهنئته للمسلمين بقدوم العيد فى الأيام الاخيرة من رمضان فيقول فيها : 


مبارك شهر الصوم وقد قرب على نهايته ومبارك كل صوم قد اشترعته الأديان السماوية رياضة روحية أكثر منه رياضة بدنية، نعم فما الصوم عن شهوة البطن إلا صيام عن شهوة الحيوان أراده الله رمزا للصيام عن شهوات النفس البشرية أو شهوة الانسان . 

وما شهوة الانسان الا شهوة السلطان ، ولست اعنى بالسلطان الحكم .. بل التحكم ، تحكم الاقوياء فى الضعفاء ، والاغنياء فى الفقراء ، والعلماء والمتعلمين فى عقول الجهلاء وقلوب البسطاء . 

بل يا ويلة الانسان من تحكم شهوات النفس فى النفس، وتحكم العاطفة فى العاطفة ، فلو انه راض نفسه على الصوم الروحى كما يروض جسمه على الصوم المادى لرأيناه قوى دون ان يستعبد ويغضب ، دون ان يحقد ويتمنى ، دون ان يحسد ويكسب . 

معنى الصيام 
ألا ليت الانسان يدرك ان الصوم فى الدين هو التضحية فى الدنيا وانه اذا كان مظهر الصوم ان لا يأكل فجوهر الصوم ان يبذل ثم يبذل , ذلكم هو الدين وتلكم هي الوطنية ،فإذا كانت الوطنية من الايمان ، فان الايمان مظهره التضحية والحرمان ،فالبركة كل البركة فى صوم الصائمين . 

 وأهنئ اخوانى المسلمين بالعيد ، فمبارك العيد ، وهذه التهنئة هل هى كلمة انا قائلها أم ناقلها  ؟ وهل انا اشعرها أم أصورها ؟ ذلك تساؤل أكاد اتسمعه همهمة واتخيله تبسمة تنفرج عنها شفاه بعض اولئك المتحذلقين الذين يدينون بالمدنية دون الدين .. وليس لى الى هؤلاء الا كلمة اصارحهم بها ، وقد صارحتنى بها نفسى ..هى ان البركة كل البركة فى صوم الصائمين المحرومين الجائعين القانعين . ولا يحين أحد ان حتى فى تهنئة اخوانى المسلمين مستمد من صلة فى الدنيا دون الدين ــ كلا فما الحق الا سبيل واحد وإن يكن ذا طرفين وقبلة واحدة ..وان تكن بين حرمين ، فلنتحدث اذن عن هذا الحق من ناحيتيه وعلى صورتيه .

أما من ناحية الدنيا فما أجملها دنيا تلك التى فرقت فوفقت أو بالاحرى فرعت فجمعت بين المصريين على اختلاف مذاهبهم فى الدين .فما من عيد للمسلمين أو للمسيحيين من المصريين الا وتفتح له الدور فى وطننا لاستقبال الفريق الاخر من المواطنين المهنئين المعيدين مع المعيدين لا عن مجاملة بل عن مؤاخذة ومجاورة ومزاملة . 

أما من ناحية الدين أفتجمعنا فى الوطن محبة الاقليم ولا تجمعنا فى الله الرحمن الرحيم او نكون اخوة فى الوطن وفى انسانية هذا العالم الاصغر ، ولا نكون اخوة فى الله والله اكبر الا فنرتفع بالدنيا الى مستوى الدين ، وبالارض الى أعالى السماء اذا شئنا لارواحنا ان تحيا حياة النعيم فى دار الشقاء والتعب .

الجريدة الرسمية