رئيس التحرير
عصام كامل

هل الاحتفال بيوم اليتيم بدعة؟.. مجمع البحوث الإسلامية يجيب

يوم اليتيم العالمي
يوم اليتيم العالمي
ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، يقول فيه صاحبه: "ما حكم الاحتفال بيوم اليتيم في أول جمعة من شهر إبريل؟".


وجاء رد اللجنة على هذا السؤال كالتالي:

عني الإسلام باليتيم عناية فائقة، واهتم به اهتمامًا بالغًا، وأولاه رعاية خاصة؛ وذلك على مدار العام كله، وليس في يومٍ واحدٍ فقط، ولكن لا مانع شرعًا من تخصيص يوم لليتيم  للاحتفال والاحتفاء به، وإشعاره بأن المجتمع كله بجواره يشعر به، ويشمله برعايته وعنايته  ويعوضه عن فقده لأبيه.

يوم اليتيم 


 هذا الاحتفال بيوم اليتيم ليس ببدعة كما يدعي البعض؛ لأنه يمكن أن يندرج تحت أصل شرعي  وهي النصوص الآمرة بالإحسان إليه،  والعطف عليه منها: قوله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} (البقرة: 220)، وقوله: {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى} (البقرة 177)، وقوله: {فأما اليتيم فلا تقهر}(الضحى9).

ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم:- (أنا وكافِل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبَّابة والوسطى، وفرج بينهما شيئًا)، رواه البخاري.

وإن حيل بيننا وبين الاحتفال باليتامى في يومهم؛ نظرًا لما تمر به البلاد هذا العام من وباء كورونا، التزامًا لما تقرره الدولة من منع التجمعات لحماية الناس من هذا الوباء، فهذا لا يمنع من التواصل معهم، والسؤال عنهم، ومساعدتهم ماليًا ومعنويًا.

ويحتفل العالم اليوم الجمعة "أول جمعة فى إبريل" بـ اليوم العالمى لليتيم، والذى انطلقت فكرة الاحتفال به من قبل مؤسسة "ستار فونديشن" البريطانية عام 2003.

كفالة اليتيم 


ومن جانبه أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ورئيس اللجنة الدينية في مجلس النواب، أن الله تعالي أوصانا في حق اليتيم الغني بالشفقة والرحمة والكفالة، حتى إن النبي ﷺ قال: (مَنْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إلاَّ لِلَّهِ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ) أمرنا أن نكفل اليتيم ولو كان غنيًّا، وأن نحافظ على ماله حتى يرشد ويكبر، فما بالك باليتيم الفقير .. ! فإن الله - سبحانه وتعالى - أمرنا أن نأويه، وأمرنا أن ننفق عليه، وأمرنا أن نَحِنَّ له.

ويحتفل العالم اليوم الجمعة "أول جمعة فى إبريل" بـ اليوم العالمى لليتيم، والذى انطلقت فكرة الاحتفال به من قبل مؤسسة "ستار فونديشن" البريطانية عام 2003.

وأشار إلي أن المولى عز وجل أمرنا أن نعوضه عن ما قد ابتلاه الله به من يُتم، فعل ذلك ليختبرنا نحن؛ فقد انتقل أبوه أو انتقلت أمه إلى رحمة الله وتركاه في هذه الحياة الدنيا.

وأضاف أن المُختبَر هو من عاش، الذي يرى اليتيم أمامه فيجب عليه أن يبره وأن يقوم بشأنه، وأن ينفق عليه وأن يربيه على الصلاح {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ}.

وتابع: الإصلاح هو المهم في هذه القضية كلها أن تكون حنَّانًا وألا تكون منَّانًا؛ فإن المنَّان هو الله - جل جلاله - هو وحده صاحب المنة على الخلق أجمعين، تأخذ من صفات جماله، ولا تأخذ من صفات جلاله بل تتعلق بها، ولا تتعدى حدودك معها، تنفق في سبيل الله من غير أن تتبع ما أنفقت منًّا ولا أذى؛ لأن الله غني عن العالمين، وغني عنك؛ أنت الذي في حاجة إليه وهو لا يحتاج إلى أحد أبدا سبحانه قيوم السموات والأرض .. مالك الملك سبحانه جل جلال الله.

وعن تخصيص يوم معين للاحتفال بيوم اليتيم أوضح أن هذا من العمل الصالح، ومن قِبل إدخال السرور عليه، قائلا:" إذا أدخلت السرور على اليتيم فإن هناك دعوة صالحة يستجيب الله لها منه؛ فإن اليتيم قلبه ضعيف والله عند الضعيف، تجد ربك عند المريض إذا عُدت المريض، وتجد ربك عند اليتيم إذا أدخلت السرور على اليتيم، وتجد ربك عند المظلوم والمقهور إذا أنت رفعت الظلم عنه أو أزلت القهر من عليه، تجد ربك عند الضعيف والله - سبحانه وتعالى - يستجيب لك دعاءك، فمن أراد أن يستجيب الله له دعاءه فليكرم اليتيم، ولينفق عليه وليدخل عليه السرور كله".

وشدد مفتي الجمهورية السابق على أنه من العناصر العملية لسلوك الرحمة في حياتنا تأتي قيمة جعلها رسول الله ﷺ بعد ما نبه إليها القرآن في أعلى قمة القيم، وأعلى ما يدل على الإنسانية، وعلى الرحمة، وهي قيمة كفالة اليتيم، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:220].

وأضاف :" أمرنا ربنا سبحانه وتعالى برعاية اليتيم، وجعل رعاية اليتيم مسألة مهمة، اليتيم يحتاج إلى الحنان، وإلى الأمان، يحتاج إلى الرعاية، وإلى العناية، واليتيم عند البشر هو الذي فقد أباه، واليتيم في الحيوان هو الذي فقد أمه، وفي بعض الأحيان يفقد الإنسان أباه وأمه فهو يتيم مركب، فعلينا أن نرعاه ويرعاه كل من حوله؛ ولذلك كان النبي ﷺ وهو يحفزنا إلى هذا الذي قد ينساه بعضنا يجعل وضعك يدك على رأس اليتيم لك بكل شعرة تحت يدك صدقة، وكان يقول ﷺ: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، ويشير بأصبعه السبابة وبأصبعه الوسطى» يعني بجوار بعضنا البعض في الجنة، وتعرفون مقام رسول الله ﷺ في الجنة؛ تخيل أنك في جوار سيد الخلق ﷺ في الجنة إذا أنت كفلت يتيمًا، إذًا هذه أخلاق عالية لا تتأتى إلا بالرحمة".

وذكر أنه روى عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال: «من مسح رأس يتيمٍ لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرةٍ مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين».

إذن فرسول الله ﷺ يأمرنا بترجمة الرحمة إلى سلوك، وأعلى أنواع هذا السلوك هو رعاية اليتيم، كيف لا وفيها نوع من أنواع الكرم، والعطاء، والحب، والرعاية، والعناية.
الجريدة الرسمية