رئيس التحرير
عصام كامل

سد النهضة يصل إلى محطته الأخيرة.. دبلوماسيون واستراتيجيون: السيسي يخوض المعركة باقتدار وسوف يحسمها في النهاية

السفير محمد العرابي
السفير محمد العرابي

وصلت أزمة سد النهضة إلى المحطة الأخيرة التي لا يستطيع أحد التنبؤ بتفاصيلها وأسرارها حتى الآن، حيث تبقى السيناريوهات كلها مفتوحة ومحتملة.



التعنت الإثيوبي

الطرف الإثيوبي يتبنى خطابًا استفزازيًا مخالفًا للحد الأدنى من اللياقة والكياسة، والقاهرة لا تزال تتحرى المسارات الدبلوماسية بحثًا عن حقوقها المرعية بحكم المواثيق والاتفاقيات الدولية.

الأسبوع الماضي.. بالغت الحبشة في تعنتها عبر تصريحات وزيري الخارجية والري خلال المؤتمر الذي عُقد في أديس أبابا بمناسبة مرور ١٠ سنوات على تدشين السد، تشير إلى اعتزام إثيوبيا استكمال ملء سد النهضة، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، ما كشف مجددًا عن رغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب بالشكل الذي لن يرضي قيادات وشعبي مصر والسودان.





موقف القاهرة

في المقابل.. انتقدت القاهرة، سواء عبر رئيس الحكومة أو وزارة الخارجية، استخدام المسؤولين الإثيوبيين لغة السيادة في تصريحاتهم عن استغلال موارد نهر عابر للحدود، لا سيما أن الأنهار الدولية تعتبر ملكية مشتركة للدول المُشاطئة لها ولا يجوز بسط السيادة عليها أو السعي لاحتكارها.

بل يتعين أن توظف هذه الموارد الطبيعية لخدمة شعوب الدول التي تتقاسمها على أساس قواعد القانون الدولي وأهمها مبادئ التعاون والإنصاف وعدم الإضرار.

وما يؤكد سوء النوايا والقفز على النتائج أن هذه التصريحات تزامنت مع المجهود المبذولة من جانب الكونغو الديمقراطية التي تقود الاتحاد الأفريقي، بهدف إعادة إطلاق مسار المفاوضات والتوصل لاتفاق قبل موسم الفيضان المقبل، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتفاوض من أجل التوصل لتسوية لأزمة سد النهضة.

وتزامن ذلك أيضًا مع تحرك دبلوماسي مصري كبير داخل منظمة الأمم المتحدة، من خلال الحصول على توقيع أكثر من 150 دولة على بيان يؤكد على أن الأمن المائي قضية وجودية.

من أجل ذلك.. نطرح السؤال المهم: وماذا بعد، وما الذي تحمله لنا الأيام المقبلة، ومتى يتم إسدال الستار على هذه الأزمة، وما الطريقة المثلى التي سوف تضع بها أوزارها؟

قيادة المعركة

وكشف عدد من الخبراء الاستراتيجيين والدبلوماسيين عن كيفية التصرف المصرى في ظل التعنت الإثيوبى في قضية سد النهضة، موضحين أن هناك تصعيدا دبلوماسيا مستمرا في هذا الإطار.

وأن قضية المياه خط أحمر ومسألة حياة أو موت، ومصر لن تفرط في حبة مياه واحدة من حقها وأنها تسلك كافة المسارات وتراهن على الحل السياسي من خلال الطرق الدبلوماسية.





وفي هذا الشأن قال السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق إن القيادة المصرية تعرف كيف تتصرف في هذا الملف، لافتا إلى أن هناك تصعيدا دبلوماسيا مستمرا يوميا سواء في الأمم المتحدة أو حشد الرأى العام الدولي.

مضيفًا: مصر تسير وفق معدلات تراها مناسبة لهذا الموقف، ونثق في القيادة السياسية المصرية والتصرفات ستكون على قدر رد الفعل الإثيوبى، موضحا أن التفاوض يكون من خلال إعلان إثيوبى صريح وجاد وواضح أنهم متقبلون أن تكون هناك فكرة إعلان قانوني والعالم كله سيشهد عليه.

الحل السياسي

وقال اللواء محسن الفحام أستاذ إدارة الأزمات في أكاديمية الشرطة ومساعد رئيس حزب حماة الوطن: بعد اتصال الرئيس السيسي برئيس الوزراء البريطانى فإن مصر ما زالت تراهن على الحل السياسي من خلال ممارسة الأمور الدبلوماسية على إثيوبيا، موضحا أن السودان لها شرطان وهما الأول ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا وبعدها سد النهضة الإثيوبى، موضحا أن إثيوبيا تقف في كفة واحدة.

وأضاف الفحام: إن الأمر الآن يخضع إلى الحل السياسي، والاستفزاز الإثيوبي هو استفزاز سياسي للتغطية على النزاعات الداخلية الموجودة هناك وهم يحاولون تغطية النزاعات الداخلية لديهم، موضحا أن هناك فئة في إثيوبيا معترضة على استمرار آبى أحمد في رئاسة الحكومة الإثيوبية وخاصة أن المدة الشرعية له منتهية.

وتابع الفحام: آبى أحمد يمارس صلاحياته بدون غطاء شرعى في إثيوبيا وهذه الاستفزازت لجر مصر والسودان للتدخل العسكري، وما زلنا متمسكين بالحل والتفاوض السياسي والدليل على ذلك تواصل الرئيس السيسي مع رئيس وزراء بريطانيا ومفاوضات الخارجية المصرية مع الدول الأخرى.

الاتفاقيات الدولية

وأكد أحمد العوضى عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب: أن مصر تسلك كافة سبل التفاوض لحل أزمة سد النهضة الإثيوبى ولا تنكر حق إثيوبيا في التنمية لكن دون تأثير على حق مصر المائى في مياه النيل، وهناك اتفاقات دولية في هذا الإطار والقانون حدد حصة مصر من مياه النيل.

وأضاف عضو دفاع النواب: احتياجات مصر من المياه فوق الـ ١٠٠ مليار ومصر تسلك كافة السبل للضغط على إثيوبيا، وتابع العوضى: القيادة السياسية تتصرف بحكمة وأمامها كافة الخيارات التي تنهى بها الأزمة موضحا أن مسألة المياه تمثل حياة أو موت ومصر لن تفرط في حبة مياه واحدة وإذا لم تنجح المفاوضات فهناك طرق أخرى ومصر تتخذ مسارات عديدة ومياه النيل خط أحمر ومصر تسلك كافة المسارات من الاتحاد الإفريقى والأوروبي وأمريكا وموقفها مشرف في هذا الملف.

الرئيس سيحسم المعركة

وقال اللواء محمد الغباشى الخبير الإستراتيجي وأمين مركز آفاق للدراسات الإستراتيجية إن رد وزارة الخارجية المصرية على التعنت الإثيوبى هو رد قوى، وإنها ترفض أى تصرف أحادى دون اتفاق ملزم يسبب أي خطورة على الأمن المائي.

لافتا إلى أن مسألة المياه حياة ووجود للشعب المصرى والدول المشتركة يجب أن تشارك في القرارات، وأشار الغباشى إلى تدعيم مصر للمبادرة السودانية مشيرا إلي ضرورة وجود مشاركة رباعية يكون لها سقف زمنى محدد.

موضحا أن مصر تتحدث بشكل قوى والقيادة السياسية تتخذ كافة الإجراءات للسلم والمفاوضات، والرسالة قوية في نفس الوقت للحفاظ بكافة السبل على حقوق الشعب المصرى مشيرا إلى أن المطروح حاليا هو الأمور السلمية والمفاوضات للحفاظ على حق مصر في المياه.

نقلًا عن العدد الورقي...، 

الجريدة الرسمية