رئيس التحرير
عصام كامل

ورث الدم.. قراءة في دماغ عبد الله عزام أبو الإرهاب

عبدالله عزام
عبدالله عزام
أكد الخبير النرويجي في الجماعات الإرهابية، توماس هيجهامر، أن أفكار الإرهابى عبد الله عزام هى التى أدت لما اسماه "عولمة الجهاد" وظهور الحركات الإرهابية مثل القاعدة و داعش.



وقال توماس هيجهامر، إن كتابه الأخير "القافلة.. عبد الله عزام ورحلة الفكر الجهادي العالمي" يُظهر كيف غير عزام مفهوم الجهاد لدى كثير من الشباب في العالم الإسلامي، ما سهل على التنظيمات المتطرفة في فترة لاحقة اصطيادهم.


تغذية الإرهاب 


وتحدث هيجهامر، وهو خبير في مؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية أيضا عن التهديدات المحدقة بدول المغرب العربى، مشيرا إلى أن العنف والفوضى في منطقة الساحل والصحراء يوفران بيئة خصبة للمنظمات المتشددة، فـ"الإرهاب يتغذى على غياب الديمقراطية والحكامة وانتشار الفقر".


وتابع فى مقابلة مع موقع "أصوات مغربية"، أن عبد الله عزام لعب دورا مهما في عولمة الفكر المتشدد، التطرف الديني ظهر مبكرا في سوريا ومصر خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لكن مع بداية الثمانينيات، أصبح هذا الفكر عابرا للحدود، والسبب الأساسي في ذلك المقاتلون الذين يعبرون الحدود بين البلدان العربية للقتال في جبهات الصراع تحت شعار الجهاد، والمثال البارز هنا هو أفغانستان التي استقطبت آلاف من المقاتلين من بلدان إسلامية، منها بلدان شمال أفريقيا.


عبدالله عزام والشباب 


واستكمل، عبد الله عزام قام بدور أساسي كذلك، في التأثير على الشباب آنذاك ودفعهم إلى القتال تحت راية الدين، ألّف كتبا كثيرة وأشرف على إصدار مجلة دورية، كما أسس منظمة في باكستان تعمل على تجنيد الشباب للقتال في أفغانستان، وكان يسافر بكثرة لإلقاء المحاضرات، ليس فقط إلى منطقة الشرق الأوسط وإنما إلى دول أوروبية وأمريكية، كانت رسالته في كل هذه الأنشطة واحدة: يجب على كل مسلم القتال في أفغانستان للدفاع عن إخوانهم المسلمين.


ولفت إلى أنه ركز فى كتابه أيضا، على أن فكرة القتال تحت ذريعة "الجهاد" مسألة روجها عزام حتى أصبح البعض يعتبرها بديهية، ووجوب قتال المسلمين في جبهات صراع بعيدة عنهم وفي مناطق جغرافية لا تهمهم، هي فكرة قدمّها عبد الله عزام، وروّجها عبر كتبه في العالم الإسلامي حتى أضحت في غضون سنوات قليلة فكرة عادية لدى البعض.


الأب الروحي للإرهاب 


عبد الله عزام هو الأب الروحي لكل الحركات المتشددة اليوم، بدءا من سوريا والعراق وأفغانستان إلى الجزائر ومنطقة الساحل. لكن يجب أن نعلم أيضا أن عزام لم يكتف بنشر الكتب وإلقاء المحاضرات، فالرجل عمل عبر شبكة من العلاقات ومن خلال تنظيمات في باكستان وأفغانستان لإقناع وإغراء الشباب بتفسير جديد للجهاد. إذن هو الذي أسس للفكر الجهادي العابر للحدود، وهو بالتالي الأب الروحي لكل الحركات المتشددة اليوم، بدءا من سوريا والعراق وأفغانستان إلى الجزائر ومنطقة الساحل.


عولمة الجهاد 

وتابع، أن عبد الله عزام كان أبرز منظر لـ"عولمة الجهاد"، لكن المتشددين أخذوا فكره إلى مستوى آخر من العنف والقتل والتدمير.

وبعد مقتله في نوفمبر 1989، بدأ تنظيم القاعدة يهاجم الدول الغربية. أعتقد أنه لو ظل على قيد الحياة، كان سيرفض بعض ما اقترفته التنظيمات الجهادية بعده.

خلال التسعينيات، أقدمت "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر على ارتكاب أعمال عنف غير مسبوقة ضد المسلمين في بلد إسلامي. ومؤخرا أخذ تنظيم "داعش" العنف إلى مستويات جديدة ضد كل من يخالفه في توجهه.

هو أي -عزام- كان يريد فقط إخراج غير المسلمين من البلدان الإسلامية، لكن أحفاده أخذوا مفهومه للجهاد إلى حد قتال جماعات سلفية جهادية أخرى تخالفهم في تفسيرات بسيطة وتفاصيل دقيقة داخل الدين. وبالتالي، فإن عبد الله عزام هو الأب الروحي، لكنه قد يكون أبا ساخطا على بعض ما اقترفه أبناءه في وقت لاحق.

سيد قطب وبن لادن


وحول مرجعية عبدالله عزام، قال الخبير النرويجى، لنرجع قليلا إلى الوراء لشرح بعض الأمور عبد الله عزام شخص متأثر بفكر سيد قطب، لكن الأخير كان منشغلا بالتنظير لقلب الأنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتطبيق الشريعة وفق تفسيره للدين. عبد الله عزام هو أيضا مؤيد لتطبيق الشريعة الإسلامية، لكن الثورة على الأنظمة داخل بلدان العالم الإسلامي لم تكن أساسية بالنسبة له.


وكان هدفه هو خلق التضامن الإسلامي العابر للحدود، إذن فعبد الله عزام كان يسعى إلى عولمة الفكر الجهادي في مناطق الصراع، بينما سيد قطب انغمس كثيرا في السياسة الداخلية ونظّر أساسا للثورة على الأنظمة التي يعتبرها علمانية.


أما زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، تأثر مبكرا بفكر عبد الله عزام، ثم احتضن لاحقا فكر سيد قطب، كان بن لادن تلميذ عزام لمدة أعوام طويلة. لكن نشب بينهما خلاف، قاد إلى الاستقلال التنظيمي والعقدي لبن لادن عن معلمه، وقد أسس معسكرات لتدريب المقاتلين العرب في أفغانستان، ومن هناك أسس تنظيم القاعدة، الذي سيتبنى قتال الدول الغربية داخل عقر دارها، ورغم الخلاف بينهما إلا أنني لا أعتقد أن بن لادن قتل عبد الله عزام. 
الجريدة الرسمية