رئيس التحرير
عصام كامل

ورحل طبيب الخير.. القليوبية تبكي الدكتور أحمد شوقي.. أستاذ الطب يتقاضى 16 جنيها مقابل الكشف.. ويصرف رواتب للأرامل والفقراء

فيتو
"طبيب الغلابة" صاحب الابتسامة والوجه البشوش، صاحب العلم الذي لم يبخل على أهل قريته ومحافظته به، وجعله في سبيل الله فنال حب الناس ودعواتهم، وترك في قلوبهم غصة وبكت عيونهم لرحيله، إنه الدكتور أحمد شوقي وكيل كلية الطب الأسبق، أستاذ الجراحة العامة بجامعة بنها الذي رحل اليوم وتم دفنه بمقابر قرية ميت كنانة مركز طوخ بمسقط رأسه .


وقال الدكتور عمرو الدخاخني، مدير مستشفى بنها الجامعي الجديد أحد تلامذة الطبيب الراحل وابن قريته، أن رحيل الفقيد خسارة لمحبيه وأبنائه وأهالي قريته الذين اعتادوا منه عمل الخير دون تأخر، ما تسبب بموجة الحزن الشديدة التي صاحبت الجنازة ولم تستثن أحدا  كبيرًا أو صغيرًا من أبناء القرية الذين سالت دموعهم لرحيل الفقيد.




شجرة تظل على أهله 
أوضح الحاج محمد عطا الله أحد أهالي القربة وأقدم المرضي لدى الطبيب الراحل أن الراحل أجرى له عمليتين جراحيتين. 

وأضاف عطا الله أنه كان الأب الروحي لأهالي قريته وشجرة تظل عليهم وعائلة تحب الخير متمنيا أن يسكن  الله الطبيب الراحل الفردوس الأعلى وفسيح جناته. 

ملاك من السماء 
"كان ملاكا من السماء" هكذا وصف أحد أهالي القرية، الدكتور أحمد شوقي، مشيرا إلى أنه كان محبا لفعل الخير ويراعي ربنا في الغلابة ويترك ثمن العملية لأهل قريته وكان لا يغالي في الكشف إذ كان يتقاضى 16 جنيها وهو مبلغ لا يكاد يذكر لاستاذ في كلية الطب فتلاميذه  قيمة كشفهم أضعافا مضاعة، وكشفه في عيادته الاخري بمدينة بنها 30 جنيها فقط . 

عائلة تحب الخير

قال صبري شاهين أحد أبناء القرية لـ "فيتو": إن الدكتور أحمد شوقي وعائلته يتمتعون بحسن الخلق، وأن والده كان يشتهر بالعمل الخيري، مشيرًا إلى أن الدكتور أحمد شوقي سار على نهج والده، حيث كان يصرف راتب شهرى للأرامل والفقراء، وكان شديد الاهتمام بمرضى أهالي قريته "ميت كنانة" مسقط رأسه، وقرية "مرصفا".

وروى صبري أحد المواقف الإنسانية التي قام بها طبيب الغلابة: جاءت سيدة مريضة إلى العيادة للكشف لكن مساعدة الطبيب رفضت لأكتمال الحجز، فنتظر المريضة على سلم العمارة حتى مجئ الدكتور فأخذها من يدها وصعد بها للعيادة وقام بالكشف عليها، وقال لمساعته أنا حاسس بيها".


ثمن الكشف 


وأشار شاهين إلى أن كشف طبيب الغلابة يتراوح ما بين 16 جنيها و20 جنيها، موضحًا  كان يكشف على كل من ليس معه ثمن كشف ويعطيهم العلاج مجانا، وكان يخصص يوم الجمعة للكشف بالمجان إلى الجميع.

وأختتم أن قرية ميت كنانة قد فقدت أحد أهم رموزها، واحنا خسرنا هذا الرجل الإنسان، ونعزي أنفسنا وجميع أهالي القليوبية في وفاته.

ومن جانبه قال ياسر عطا الله أحد أبناء القرية: "إنه أحد ملائكة الرحمة، وذلك لرأفته بأهالي ميت كنانة، ولا يترك أي مواطن إلا ويساعده، داخل أو خارج القرية، ميشرًا أنه كان يساعد المرضى في ثمن العملية، ويصرف لهم العلاج بالمجان.

وأضاف ياسر أن طبيب الغلابة كان يعطي المرضى غير المقتدرين المال، ويقول لهم "هات حاجة حلوة للعيال" جبرًا للخواطر، مشيرًا: كان كشف الدكتور أحمد 15 جنيه وفي العيادات التانية ممكن يوصل 200 و300 جنيه.

ووجه عطا الله رسالة إلى الأطباء بأن يقتدوا بالدكتور أحمد شوقي زغلول، لافتًا أن آخر زيارة لطبيب الغلابة للقرية كانت منذ شهر، ورغم انتشار فيروس كورونا وكبر سنه كان يأتي للكشف على مرضاه.




وقال الدكتور مصطفى رزق الأستاذ بكلية طب بنها والجراح الشهير والذي كان رفيق الدرب العلمي والعملي للفقيد أنهما تعرفا على بعضهما منذ أكثر من 40 عاما وحب الناس له كان يفوق الوصف وما شهدته اليوم في جنازته لم اكن اتخيله فقد كان رمزا للخير بالفعل ونشهد له بالكفاءة والخلق علميا وعمليا ولا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.

يذكر أن الطبيب الراحل  لقب بطبيب الغلابة، حيث إن هذا الرجل الذي تجاوز السبعين عاما في خدمة المرضى، لديه فلسفة خاصة به في التعامل مع مرضاه، مؤكدا أنه منذ زمن بعيد قرر الانحياز للفقراء واهبا بعضا من وقته وصحته لصالح التخفيف عنهم.



وفي آخر حوار له لـ "فيتو": وجدنا الشهادات العلمية والعالمية والزمالات تزين حوائط عيادته التي تعد بمنزلة حائط لبطولات الطبيب الإنسان، ولكن وسط تلك الشهادات والاعتمادات الطبية تتزين الحوائط بقصائد شعرية أبدى بها الطبيب اهتماماً خاصاً.


وعند سؤاله: هل تحب الشعر لهذه الدرجة يا دكتور؟، فما كان منه إلا أن قال: ولا عمري كان ليا في الشعر لكن القصائد دي معظمها إهداءات من مرضى أعفيتهم من دفع الفيزيتا.
الجريدة الرسمية