رئيس التحرير
عصام كامل

تفسير قوله تعالى: "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا"

(إِذَا زُلْزِلَتِ
(إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)
الزلازل من آيات الله العظام في هذا الكون، يبتلي بها عباده تذكيرا أو تخويفا أو عقوبة ، وعلى الإنسان أن يتذكر حين وقوع هذه الآيات ضعفه وعجزه وذله وافتقاره بين يدي الله تعالى، فيلجأ إلى الله عز وجل بالدعاء والتضرع والاستكانة لعل الله يكشف هذا البلاء العظيم عن عموم الناس .


يقول الله عز وجل: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) الأنعام/42-44 .

ولذلك استحب الفقهاء رحمهم الله الإكثار من الاستغفار والدعاء والتضرع والتصدق عند وقوع الزلازل، كما هو المستحب عند حصول الكسوف والخسوف.


اقرأ أيضا.. دعاء كسوف الشمس كما علمنا النبي


سورة الزلزلة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8).


سورة الزلزلة وسبب نزولها

يقول الله -سبحانه- في مُحكم التّنزيل: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا*وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا*وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا*يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ*فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)



شاهد .. كيفية صلاة كسوف الشمس خطوة بخطوة

سبب نزول سورة الزلزلة أنّ الكفار كانوا يُكثرون السّؤال عن يوم الحساب، وعن موعده، وقد ذكر المولى -عزّ وجلّ- ذلك عنهم؛ فقال: (أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)، وقال أيضاً: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فجاءت آيات سورة الزلزلة تكشف لهم علامات ذلك اليوم؛ ليعلموا أنّه من غير الممكن تحديد ذلك اليوم الذي يُعرض الناس فيه على ربهم على وجه التحديد، وإنما ذكّرهم بأنّه اليوم الذي يُجازى فيه كلّ أحدٍ بعمله؛ فيعاقب فيه المذنب بذنبه، والمُحسن بإحسانه، وقد جاء في بعض الروايات أنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّهم لا يجازون على العمل القليل، وظنّ آخرون أنّه لا مساءلةً على الذّنب الصغير؛ فأنزل الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).



معنى إذا زلزلت الأرض زلزالها


سورة الزلزلة تنطوي على التحذير والتخويف من زلزلة الأرض، وما يترتّب على ذلك من الحثّ على الأعمال الصالحة، إذ العملُ الطّيب فيها لا يضيع عند الله -سبحانه- مهما قلّ، حتى لو كان مثقال ذرّةٍ، ومثله المعاصي والآثام: تتناول السّور في مقدّمتها حدثاً من أبرز أحداث يوم القيامة، حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافاً شديداً، وتزلزل زلزالاً عظيماً، ولفظُ كلّ ما في باطنها، وتُخِرج ما فيها من أجساد ومعادن وغيرها، في مشهدٍ يُوحي بأنّها تتخفّف من أحمالها الباطنة، ثمّ تموج بها موجاً شديداً، وتمور موراً.



اقرأ أيضا.. 5 أعمال مستحبة عند كسوف الشمس

ذهب الإمام القرطبي في تفسيره للسّورة بأنّ المقصود بزلزلة الأرض؛ أي: يوم أنْ تتحرّك من أصلها، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ زلزلة الأرض تكون في النفخة الأولى، ثمّ يتبع ذلك إخراج الأرض لما في جوفها من الأجساد والأثقال مصداقاً لقوله جلّ وعلا: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ*تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ).


جاء إضافة المصدر ونسبته للأرض في قوله تعالى: (زِلْزَالَهَا) من باب التّأكيد على هول المشهد، وأنّه هنا على سبيل الاختصاص؛ فهو ليس زلزالاً كالزّلازل المعهودة في أذهان الناس في الدنيا، حيث يرافق ذلك المشهد ذهول البشر ممّا يحدث للأرض؛ فكأنّهم كالسّكارى من غير سُكْرٍ؛ فلا يدري أحدهم ماذا يفعل، حتى إنّه ليتساءل والحيرة والخوف يغشاه؛ فيقول كما أخبر المولى سبحانه: (وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا).


العبر والعظات من سورة الزلزلة سورة الزلزلة تؤكّد على أنّ حدث زلزال الأرض سيغيّر نظام العالم ونواميسه؛ فالخلق مقبلون على مرحلةٍ جديدةٍ لم يشهدوها من قبل، حيث تنطق فيها الجمادات، وتحدّث الأرض أخبارها تأكيداً إلى أنّ المرحلة المقبلة مرحلة حسابٍ، وسؤالٍ وجوابٍ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ هذه الآيَةَ: يَومَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَهَا، قال: أتَدْرُون ما أخبارُها؟ قالُوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإِنَّ أخبارَها أنْ تَشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بِما عَمِلَ على ظَهرِها، تَقولُ: عَمِلَ يومَ كذا، كَذا وكذا، فهذِهِ أخبارُها).


وهنا يظهر عدل الله -سبحانه- بموافاة الناس أعمالهم بالذّرة، حيث إنّ سورة الزلزلة قد جمعت أسباب الخير وحثّت عليه، كما جمعت أسباب الشرّ وحذّرت منه، فكأنّ من أخذ بها كان من أهل النّجاة، وما ذلك إلّا لأنّها جمعت بآيتين منها عمل الخير والشرّ، وبيّنت جزاء كلٍّ منهما، وقد وصف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هاتين الآيتين بأنّهما الجامعتين، وفي الحديث: (لم يُنزَلْ عليَّ فيها شيءٌ إلّا هذه الآيةُ الجامعةُ الفاذَّةُ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).


ولذا كان السياق القرآني الفريد يشير إلى دعوة المسلم إلى عدم الاستخفاف بالقليل من الخير، كما تحمل تحذيراً من قليل الشّر؛ فإنّ قليله مع قليله يصبح كثيراً، وقد أكّد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هذا المعنى عندما حذّر من صغائر الذّنوب، وقال: (إيَّاكم ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ).

وقد رُوي في الآثار أنّ الصحابة الكرام والسلف الصالح قد أخذوا سورة الزلزلة بمجامع قلوبهم؛ فكانوا يستحضرون آياتها ودلالاتها في مواقفٍ كثيرةٍ، ومن ذلك أنّ عمر بن الخطاب أتاه ذات يومٍ مسكينًا وفي يده عنقودًا من العنب؛ فلمّا ناوله منه قال فيه مثاقيل ذرٍّ كثيرةٍ.


دعاء يقال وقت الزلازل والهزات الأرضية‎ :-

اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء نحن عبيدك بنو عبيدك نواصينا بيدك ماض ٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك لا ملجا ولا منجا منك إلا إليك اللهم ادفع عنا البلا والبراكين والزلازل والمحن وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم اني استودعك جميع المسلمين والمسلمات في بلاد المسلمين، واجعل ما أصابهم خير ونعمة عليهم، اللهم احفظهم وانت خير الحافظين.


اللهم أنك أنت الله لا إله إلا أنت.. أنت الغني ونحن الفقراء نحن عبيدك بنو عبيدك نواصينا بيدك ماض ٍ فينا حكمك عدل فينا قضاؤك لا ملجأ ولا منجى منك الا إليك اللهم ادفع عنا البلا والبراكين والزلازل والمحن وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم اني استودعك جميع المسلمين والمسلمات في هذه البلاد.


كيف تتصرف في حالات الزلازل والهزات الأرضية

إذا رأيت الأرض ترجف والأشياء تتساقط من حولك فتيقن بأن هذه هي هزة أرضية وعليك التصرف بهدوء وعدم الارتباك وحاول أن تطبق هذه التعليمات:

1- إذا كنت في المنزل أو المدرسة أو في المكتب فاخرج إذا كانت المسافة لا تزيد عن (50 متر) وإلا فابق في مكانك ولا تحاول أخذ أي شيء من ممتلكاتك الشخصية.

2- إذا كنت في المدرسة فاحتمى تحت الطاولة مباشرة وابتعد عن النافذة أو استند تحت أو إلى حائط أساسي (صبه).

3- إذا كنت في فناء المدرسة أو في الشارع فعليك الابتعاد عن حواف المبنى.

4- إذا كنت في حافلة المدرسة أو في السيارة ابق في مكانك حتى يقف السائق وإذا كنت تقود السيارة فبادر إلى الوقوف واستمع إلى المذياع.

5- إذا بقيت في المنزل فاستند إلى حائط أساسي (تحت الأعمدة) ويجب تحديد هذا الموقع مسبقاً لك ولأسرتك.

6- إذا كنت خارج المنزل أو المدرسة أو المكتب فابتعد عن المباني العالية وتوجه إلى المناطق الفسيحة.

7- حاول ما أمكن قطع الكهرباء والغاز عن المنشأة حتى لا تكون سبباً في حدوث حريق.

8- لا تحاول التجول بعد الهزة مباشرة فقد يعقبها هزات أخرى تابعة والأفضل أن تبقى هادئ لفترة بعد الهزة الأولى.

9- استمع إلى إرشادات الدفاع المدني ونفذها وتعاون معه لسلامتك ولا تجعل الخوف والفزع والهلع يسيطر عليك لكي لا تحدث إرباكا قد يؤدي إلى
إصابتك.

10- لا تحاول البحث في الأنقاض عن أغراض شخصية فقد يتسبب ذلك في إصابتك نتيجة انهيارات لاحقة.

الجريدة الرسمية