رئيس التحرير
عصام كامل

فيش وتشبيه لطالبي الإسكان الاجتماعي

ما أراه فى طلبات الإعلان الرابع عشر للإسكان الاجتماعي الذي طرحته الحكومة مؤخرا، لا ينقصه إلا مطالبة المواطن المتقدم لطلب أربعة جدران بعمل فيش وتشبيه وتقديم صحيفة الحالة الجنائية، وعند استلامه الشقة بعد ثلاث سنوات تقريبا؛ ربما أقترح مطالبته بتقديم شهادة من الأمانة العامة للصحة النفسية تفيد سلامة قواه العقلية.


حقيقة لا أفهم معنى واضحا لمسألة مطالبة المواطن وهو طرف متعاقد فى علاقة قانونية، أن تبدأ شروط يرقى بعضها للإذعان فى العقد بالإعلان ذاته، فيكون مسؤولا عن تقديم أوراق لا يفهم بالضرورة سوى طالبها مبررا لها، اللهم سوى تحديد الدعم الموجه له، ولا أفهم أنا سوى أنها محاولة لاستنزافه ماديا وإفادة جهات أخرى باستخراج أوراق منها، وربما طاله الفيروس اللعين أو نقله لأحد فى طوابير طويلة أمام دواوينها.

كأن تطالب أسرة بورقة قيد عائلي تستقي جهة استخراجه معلوماتها لصياغته من نفس الأوراق التى أصدرتها لنفس المواطن ويحملها بنفسه إلى نفس الحكومة فى جهة أخرى، وتلازمه بالضرورة، كبطاقة الرقم القومي وشهادات ميلاده وأطفاله ووثيقة زواجه وطلاقه، بخلاف سند إلغاء طلب سابق لوحدة سكنية أو استرداد مقدمها وهى بيانات لا مبرر للاحتفاظ بها إلكترونيا على أجهزة الجهات التابعة للحكومة طالما لم تكتمل معها إجراءات.

فرصة أمام رئيس جهاز أكتوبر

أو أن تطالب سيدة مطلقة باستخراج شهادة سلبية من محكمة الأسرة بعدم حصولها على نفقات لأطفالها لو كانت حاضنة، فى حين أن هذه النفقات حقوق يقضي بها القانون لصالح الأطفال ذاتهم وليس أمهم، ولا أعرف هل هذا الإجراء يحسم أمرا بعينه فى احتساب قيمة الدعم الموجه لمطلقات أم لا.

ولو أن رسوم استعلام إضافية أقرتها الحكومة مبدئيا لتتحمل هى إجراءات ترغب فى تقليصها، لكان أفضل لها والمواطن، ولو أن جزءا من هذه الرسوم وجهته إلى تطوير منظومة إلكترونية تسهل تداول البيانات بين قطاعات ووزارات الدولة؛ لكان لها ما أرادت واستبعدت عقوبة "الكعب الداير" عن الناس.

بعد إعلان النتائج وبدء مرحلة التظلمات واستكمال أوراق تبدأ رحلة جديدة مع نظام عمل روتيني كثيرا ما تتدخل رئيس صندوق التمويل العقاري ونائبها مشكورين لإصلاح مالا ينجزه "السيستيم" وربما يعطل معه البشر استحقاقات مواطنين فى أمس الحاجة إلى سكن بعلاقة تعاقدية متوازنة.

راجع مرحلة الاستعلام المكرر نحو أربع مرات تقريبا مقسومة بين الصندوق والبنك الموزع عليه الشخص المحدد بالاستحقاق، وخلالها ربما تقف أمور على تفاوت تقديرات بشر لما جرى قبول أوراق المواطن على أساسه من شروط الإعلان قانونا فى تاريخه، وما استجد فى حياته أو أسرته وهو أمر بيد الله لا بيد بشر.

تحضر مرحلة التخصيص وفيها لا يختار المواطن شقته بنفسه ولا يستطيع تبديلها إلا بين الطابقين الأرضي والأخير بشهادات طبية عن حالته، تليها مفاجأة إجراءات التعاقد مع البنك وخلالها يوقع عقدا وشيكات دون معاينة الشقة المخصصة أو القبول بها أو رفضها أو استلامها فعليا مباشرة، حيث تلزمها إجراءات اعتماد العقد لدى جهاز المدينة خلال شهور، تليها تعاقده بنفسه على اشتراكات مرافقها.

عمليا؛ هذا ما يحدث؛ وحدث معي؛ وآخرين بالضرورة، إجراء لا يقبله عقل أن توقع محضر استلام شقتك قبل معاينتها فى حضور مهندس مختص من الجهاز وتلافي ملاحظات عدة فى تشطيبها، أظن أن قرارا حكوميا بتعديل تسليم شقق الإسكان الإجتماعي لتكون "نصف تشطيب" كمشاريع القطاع الخاص، تقضي على شكاوي مستقبلية للمواطنين من سوءات استخدام منتجات رخيصة من قبل الشركات، تحت دعوى أنها "تبني للغلابة على قد فلوسهم"، وتحصر دور مهندسي الأجهزة فى مراجعة العمليات الإنشائية، وربما تترجم فكرة الإشغال بتشطيب الوحدات داخليا من قبل أصحابها وبما يتناسب وأذواقهم وإمكاناتهم.

ضوابط لتأمينات الصحفيين والمهن الحرة

حتى العلاقة التعاقدية المستمرة خلالها فترة السداد 20 سنة بقرار فردي لأحد أطراف التعاقد، تجعل كثيرين تتحسن أوضاعهم بعد دعم الدولة لهم، يتعجبون من قرار حكومتها لاحقا، كما أن إجمالي سعر الوحدة كبير فى الإعلان الأخير، قبل وبعد احتساب فائدة التمويل، بخلاف بند الزيادة المحتملة فى حدود 10% المثير للتعجب، وهو أمر يجعلنا نفكر فى آليات العمل بسوق مواد البناء والاحتكار، وهى أمور لا يجوز ربط مشترين بها فى علاقة تعاقدية.

ودائع الصيانة المخصصة فى عقود وحدات الإسكان الإجتماعي لا يعرف كثيرون عمليا عائدها ومردودها على المستحقين، وسكان الوحدات الحكومية مع الأسعار المقررة بكراسات الشروط الأخيرة سيقارنون يوما ما بين شرائهم لها وابتعادهم عن مثيلاتها "نصف تشطيب" فى كمبوندات، بها خدمات داخل أسوار ومصاعد للعمارات وأمن ونظام حماية وإدارة حقيقية لمشروعات سهلت الحكومة لمستثمريها الكثير فأنجزوها بشكل مناسب.

أتمنى من وزارة الإسكان والصندوق والبنوك وأجهزة المدن إدارة حوار مجتمعي مع المستفيدين مؤخرا من وحدات الإسكان الإجتماعي، بحضور الشركات المنفذة، حول ملاحظاتهم ورؤيتهم البعيدة لمستقبلهم فى مجتمعات عمرانية تتجاوز فكرة الجدران الأربعة.

سيكون هؤلاء عونا وسندا لهذه الجهات فى تقويم وتعديل مسار التجربة المهمة فى المشاريع القومية للدولة، على ألا يدار الحوار بطريقة سيطرة "سي السيد" المسؤول و"أمينة" البيتوتية المطيعة الفرحة بالتسكين و"التستيت"، فهؤلاء لا يمكن القبول بحضورهم "منتفعين" بمشروعات قومية هم شركاء فيها وأصحابها بالضرورة.
الجريدة الرسمية