رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا حدث للمصريين؟!.. مفكرون وأدباء: الشخصية المصرية تميل للعنف والطائفية.. والحس الوطني ارتفع في الفترة الأخيرة

أرشيفية
أرشيفية

حادث فندق فيرمونت لن يكون الأخير من الحوادث الصارخة التي تعكس العوار الأخلاقى الذي أصاب الشخصية المصرية وسكنها وعشش فيها.

 

ثورة إصلاحية

 

دراسات ومؤشرات عديدة تكشف بجلاء حالة التراجع التي أصابت الشخصية المصرية بجميع مستوياتها، وتؤكد أنها بحاجة إلى ثورة إصلاحية ترمم ما فسد منها، وتهذب ما اعوج منها، وتعيدها إلى سيرتها الأولى.

 

منظومة التعليم قد تكون المتهم الأول في قفص الاتهام، ولن يحدث تغيير جذرى وإيجابى دون الارتقاء بها. قبل أيام قليلة.. التأم اجتماع وزارى محدود ضم وزراء الشباب والرياضة والإعلام والأوقاف وتوافقوا على ضرورة العمل معًا من أجل إعادة بناء الشخصية المصرية. كيف يكون البناء، ومن أين يبدأ، ومن المسئول عنه، وتساؤلات أخرى نسعى إلى الإجابة عنها في هذا الملف..

 

ثمن مفكرون وأدباء وأكاديميون المبادرة الحكومية التى تستهدف إعادة بناء الشخصية المصرية، مطالبون بالتعامل الجاد مع هذا القضية وتضافر الجهود المخلصة لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه المبادرة.

 

بناء الشخصية المصرية

 

الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي في جامعة القاهرة، رأى أن هذه الدعوة لإعادة بناء الشخصية المصرية، دعوة مهمة جدا في هذه الفترة، والتي تراجعت فيها بعض القيم عن هذه الشخصية، وحلّت محلها قيم أخرى دخيلة على شخصية المصريين، التي تكونت وتبلورت خلال تاريخ طويل ممتد فالقيم الأساسية في الشخصية المصرية المرتبطة بالتسامح والمحبة وإتقان العمل وبالتراحم والترابط والتعاون والإيجابية، على حد قوله.

 

وكذلك بالصبر على المكاره حتى الانتهاء من ضغطها ومرور الفترات العصيبة، جميعها مثلت جزءا من الشخصية المصرية عبر عصور مختلفة وخلال فترات متعددة مشيرا إلى أنه وخلال العقود الماضية تسللت بعض القيم السلبية إلى هذه الشخصية المصرية على بعض المستويات.

 

التعليم

 

كما نوه حمودة إلى وجود بعض الجهات المتعددة يمكن أن تقوم بهذا الدور الفعال في إعادة بناء الشخصية المصرية؛ ومن هذه الجهات مؤسسات التعليم المتعددة ومؤسسات الإعلام المتنوعة، ومؤسسات الثقافة بقطاعاتها المختلفة، ويمكن لكل جهة أن تقوم بدورها في هذه الوجهة من خلال الأدوات والوسائل التي تستطيع أن تتخاطب بها وتعمل من خلالها على تكوين شخصية مصرية سوية.

 

أما الأديب الكبير والمفكر أحمد الخميسي، فكان له رأي مغاير، حيث اعتقد أن تسمية المؤتمر أو المبادرة باسم "إعادة أو عودة بناء الشخصية المصرية"، مسمى غير دقيق على الإطلاق، لأن معناه بناء شخصية جديدة، معللًا بأنه هناك شخصية مصرية بالفعل تبلورت وتشكلت على مدى عقود طويلة.

 

متابعا :" هذا يعني أننا نبدأ من الأول فمن الغريب الحديث عن إعادة بناء وليس عن تطوير أو مساندة أو دفع الشخصية المصرية إلى الأمام، ولكن الأدق أن نطلق عليه تطوير، كما أنه من الغريب أن يتطرق وزير الإعلام والشباب والرياضة والأوقاف أو وحدهم من يتبنون هذه المبادرة وكأن الشخصية المصرية هي مجموعة مسلسلات ومباريات ومجموعة نصائح دينية، فأين وزارة الثقافة!". مؤكدا على أنه لا يمكن أن تٌبنى الشخصية المصرية بالمواعظ والمباريات والتليفزيون فقط، فأي شيء يتعلق بالشخصية المصرية نتحدث مباشرة عن الثقافة، وإعادة الشخصية التي كانت قبل عام 1970.

 

الحس الوطني

 

كما أوضح أن الحس الوطني الذي كان عاليا بين الشباب في الفترة الأخيرة، بدأ يختفي وأصبح الكثير من الشباب يريد الهجرة والخروج فالثقافة هي المعنية بذلك، قائلا :"لذلك أنا أرى أن المبادرة لن تنجح إلا أذا تم الاعتماد على أطراف ذات صلة بالموضوع، لأن الأطراف بعيدة تماما عن المهام الخاصة بتصحيح وتصويب الشخصية المصرية".

 

وفيما يتعلق بالمتغيرات التي طرأت على الشخصية المصرية وكانت لا تتسم بها من قبل، فقد أشار الأديب المصري الكبير إلى أنه قبل عام 1970 كانت النظرة إلى المرأة أكثر تحررا من الآن، معللًا ذلك بأننا لم نسمع سابقا عن آباء يقتلون بناتهم لمجرد أنهن فتيات.

 

مضيفا :"وكأننا عدنا لمرحلة وأد الفتيات وعصر الجاهلية!، وهذا تغير فكري وثقافي واجتماعي كبير، أيضا التحرش لم يكن متواجدا في مصر نهائيًا، كانت القيم المصرية تقوم على الاحترام والنخوة". التفكك الأسري وغياب القيم الثقافية الرئيسية مثل الفن والمزيكا ذات الطابع غير المصري كانت ضمن الدخائل على الشخصية المصرية.

 

كما يؤكد الخميسي فيما رأى أن أهم الجهات المعنية بهذه الأمور، هي وزارة التربية والتعليم مستشهدا بقول الأدب العربي الدكتور طه حسين كان يقول "التعليم مُستقر الثقافة"، ما يعني أن تصويب الشخصية المصرية وتصحيحها يقوم في الأساس على التعليم، لأنه من المتغيرات الملحوظة على الشخصية "الاحتقان الطائفي" والذي لم يكن متواجدا من قبل.

 

وفي هذا الشأن يقول الأديب الكبير :" أرى أنه لن يتم تصويب الشخصية المصرية من خلال التعليم إلا بتدريس مادة "القيم الدينية" للطلاب المسلمين والمسيحيين معًا، ويتم من خلالها توضيح أن الإسلام والمسيحية يقومان على عناصر وعوامل مشتركة فأنا هنا سأحارب الطائفية في الأطفال وأبث فيهم روح التسامح وهي السمة الأساسية في الشخصية المصرية، لذلك إذا ظل التعليم بعيدا عن هذه المبادرة فأنا أرى أنه سيكون مجرد "فرقعة إعلامية" لأن الشخصية المصرية تعني التعليم والثقافة".

 

الدكتور محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، كان له رأي آخر، حيث أكد أن الشخصية الوطنية عموما وليست الشخصية المصرية فقط تتحدد جوانبها وتطرأ عليها التغيرات الجذرية في الأحداث أو المواقف الكبرى في تاريخ الأمم مثل الثورات أو الحروب، فدائما ما يحدث تغيرات في الشخصية الوطنية، وهذا أمر طبيعي، كذلك مع التطورات العالمية والتكنولوجية تتغير الشخصية الوطنية.

 

التقدم التكنولجي

 

متابعا:" هذا لمسناه بعد التقدم التكنولوجي الهائل الذي وصل إلى مصر مؤخرا، وكيف أثر على الشباب على وجه التحديد، ففي عصر التكنولوجيا تحدث التحولات من أجل التأقلم وإعادة التوازن".

 

كما رأى عفيفي أن الثورتين اللتين قامتا في العشر سنوات الأخيرة، حولت شخصية المصريين تماما فالشعب المصري لأول مرة في تاريخه يرى رؤساء جمهورية في قفص الاتهام، "طوال العمر الحاكم مقدس هو فرعون، فهذا غير كثيرا في شخصية المصري".

 

كما وصف غياب التسامح والمحبة والصبر عن صفات الشخصية المصرية بالتغيرات الكبيرة التي طرأت على الشخصية المصرية ولم نعهدها منذ آلاف السنين، فالشخصية المصرية منذ العصر الفرعوني فترات ازدهارها كانت فترات تسامح أما فترات الضعف والركود فيكون الناتج التعصب والتطرف ولابد من إعادة فكرة التسامح والانفتاح على العالم.

 

مشيرا إلى أن الجهات المعنية بذلك لابد أن تكون مشتملة على كافة أركان ومؤسسات الدولة، لأن الشخصية الوطنية يشارك في صناعتها الإعلام والثقافة والتعليم وهو الأهم لأنه هو المسئول عن تربية الأجيال وإخراجها في صورة سليمة، وكذلك المجتمع المدني عليه دور كبير جدا في هذا الأمر، وفقًا لقوله.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية