رئيس التحرير
عصام كامل

كيف أسس الإسلام نموذجاً فريداً للتعايش مع الآخر؟.. المفتي السابق يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق

أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق أن الإسلام ما زال يقدم للإنسانية النماذج الحية للتعايش السلمي بين جميع البشر بمختلف دياناتهم وتعدد مشاربهم وثقافاتهم‏,‏ ففي صدر الإسلام قدم لنا رسول الله ﷺ نموذجا فريدا طيبا للتعايش مع الآخر.

 

وأشار المفتي السابق إلى أن نموذج هجرة المسلمين وعيشهم بأرض الحبشة‏; هو النموذج الأول؛ إذ لما اشتد البلاء والبطش والتعذيب من مشركي مكة للقلة المسلمة‏،‏ قال لهم الرسول ﷺ‏: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد‏,‏ وهي أرض صدق‏, ‏حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه» (‏سنن البيهقي).

 

وأضاف: لقد كانت الحبشة كقريش مجتمعا غير مسلم‏,‏ ولكنه كان مظنة العدل والحماية لكل من يلجأ إليه من المستضعفين وذوي الدعوات النافعة الصالحة‏,‏ التي تبني ولا تهدم‏,‏ وتحيي النفوس ولا تفنيها‏,‏ وهذا ما دعا رسول الله ﷺ أن يأذن لأصحابه ‏-‏والمأذون مأمون‏-‏ بالهجرة إلى الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم‏,‏ فكانت أول هجرة في الإسلام‏,‏ وكان جميع من لحق بأرض الحبشة سوى الصغار ومن ولد بها نيفا وثمانين رجلا وإحدى عشرة امرأة.

 


واستطرد قائلا: حين نزلوا بالحبشة استقبلهم النجاشي خير استقبال وأحسن وفادتهم‏,‏ فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت‏: «‏لما نزلنا أرض الحبشة‏,‏ جاورنا بها خير جار النجاشي‏,‏ أمنا على ديننا‏,‏ وعبدنا الله تعالى لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه‏» (‏مسند أحمد).‏ وكانت الحبشة متجرا لقريش فدرسوا طريقها وعرفوا ملكها النجاشي‏,‏ ولذلك سعوا متفائلين في طلب من هاجر من المسلمين‏,‏ وأرسلوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص‏,‏ فحاولا استمالة النجاشي وتأليبه على تلك الفئة المسلمة توطئة لأخذهم وإعادتهم إلى مكة‏.

 

ورفض النجاشي وقال لبطارقته‏: «لا ها الله إذن لا أسلمهم إليهما‏,‏ ولا يكاد قوم جاوروني‏,‏ ونزلوا بلادي‏,‏ واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان أي في أمرهم‏,‏ فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم‏,‏ وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما‏,‏ وأحسنت جوارهم ما جاوروني». 

الجريدة الرسمية