رئيس التحرير
عصام كامل

نوال السعداوي تكتب: أبدا لم يكن عدوا للمرأة

الكاتبة نوال السعداوى
الكاتبة نوال السعداوى

أطلق على الأديب المفكر توفيق الحكيم لقب عدو المرأة واعترف الكثير من الكتاب والنقاد بعداوته للمرأة إلا أن الكاتبة المفكرة الدكتورة نوال السعداوى ترى أن توفيق الحكيم ليس عدوا للمرأة بل هو على عكس ما يشاع عنه فكتبت تقول:

 

من يقرأ توفيق الحكيم يدرك وجود المرأة، ذلك الوجود الذى يفرض نفسه على وجود الرجل والكائنات الأخرى، يرفع وجودها إلى درجة عليا تشبه الطبيعة فى جبروتها وفي تناقضها .. فهى الإله المعبود وفى نفس الوقت الشيطان المخيف.


وفى أول لقاء لي مع توفيق الحكيم فى لجنة القصة بالمجلس الأعلى للفنون والآداب أدركت أنه يحس وجود المرأة فى اللجنة رغم أن المرأة كانت أقلية.. امرأتان وسط ثلاثين رجلا. 


كنت أراه وهو يتكلم وكأنما هو يخاطب المرأتين فقط دون الرجال الآخرين، لكن عينيه كانت تتجه نحو الرجال ، وكنت أحس أحيانا أن توفيق الحكيم هو الذى أعطى نفسه لقب "عدو المرأة " ليخفى عن الناس إحساسه الدائم بالمرأة . 


وفى يوم بعد انتهاء إحدى جلسات لجنة القصة رأيته واقفا فى الشارع وأوقفت سيارتى وعرضت عليه الركوب معى ، كانت الشمس حارقة وقد بدا لي أنه ينتظر تاكسى دون جدوى ، وتردد توفيق فى الدخول إلى سيارتى وقال ضاحكا ، لا لا يمكن ، فقلت له يمكننى أوصلك إلى المكان الذى تريده ، فهز رأسه وعصاه فى الهواء وهو يقول :لا يمكن أنا أخاف أركب سيارة وحدى مع امرأة. 


ضكت وقلت : لن أعتدى عليك فى وضح النهار وفى الطريق العام ، فرد بسرعة فائقة : مع المرأة لا ضمان فى أى وقت . 


ضحكت كثيرا ولم يكن يدور بينى وبين توفيق إلا هذا النوع من الحوار الضاحك فرغم الخلاف الفكرى إلا أنى أحبه وأحترمه .


كان وهو فى الثمانين يبدو أكثر حيوية وجاذبية من رجل الثلاثين ، وفى آخر حديث لى معه قبل وفاته ببضعة أسابيع قال لى : أتعرفين سبب الأزمة التى نمر بها ؟

 

قلت ماهى ؟ قال إن نصف المجتمع المقهور والذى يريدون له مزيدا من القهر ..إنه النساء ،وعلى النساء اليوم أن يكون لهن الحزب السياسى الذى يناضل من أجل حقوقهن ، وأنا أول رجل ينضم إلى هذا الحزب إذا قبلتم ذلك . وردد قائلا : أرجوك بلغى هذا الكلام على لسانى للنساء فى مصر .

 

اقرأ أيضا: 

توفيق الحكيم.. قصة لقب "عدو المرأة" وأول من أطلقه عليه


كنت أظنه يضحك كعادته حين يتحدث عن المرأة لكنه كان شديد الجدية ، فقلت له : سأبلغها ، لكن لماذا لا تبلغها أنت بنفسك ولك منبر فى الأهرام .وصمت الحكيم ثم قال : الأفضل أن أبلغ رسالتى إلى النساء عبر امرأة ، فالمرأة تنصت للمرأة أكثر مما تنصت للرجل . 


قلت :ليس دائما ، وقد تنصت المرأة أكثر للرجل خاصة إذا كان عدوا للمرأة ، وضحك الحكيم قائلا : أتعرفين الحقيقة فلم أكن أبدا عدوا للمرأة بل العكس صحيح.. إنه الحب الكبير الذى ينقلب من شدته إلى عداوة .


الجريدة الرسمية