رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف بطرس غالى والتليفزيون!

ابتداء لست من الذين يتحفظون على أن يستضيف إعلامنا وصحافتنا أيا من رموز حكم مبارك، سواء فى سنواته الأخيرة أو قبلها.. بل إننى أعتبرها نوعا من الشطارة الصحفية والإعلامية..

 

ولو كنت مسئولا عن مطبوعة صحفية بعد ٢٥ يناير لسعيت لإجراء أحاديث ومقابلات صحفية مع كل من أتيح لى الحديث معهم بلا أى تحفظات.. فإن مهنتنا هى مهنة البحث عن الحقيقة، والحقيقة تتكون من سماع كل الأطراف..

 

فضلا عن أن هناك من رموز حكم مبارك من هم ما زال لهم نشاط على الساحة الدولية، خاصة فى المجال الاقتصادى، مثل الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق والأكثر شهرة بين وزراء مالية مصر.

 

 الجنيه ينقذ الحكومة !


غير أننى أرفض فى ذات الوقت أن نستنتج دلالات أخرى تتجاوز الدافع المهنى فى استضافة الدكتور يوسف بطرس غالى فى قناة تليفزيونية مصرية خاصة وإجراء حديث معه حول شجون العالم الاقتصادية، بما فيها شجوننا..

 

لقد سبق أن تكرر استضافة الدكتور محمود محى الدين وزير قطاع الاعمال العام عدة مرات تليفزيونيا وآثار ذلك فى البداية استنتاجات، بعضها رشحه أصحابها لتولى رئاسة الحكومة، لكن ذلك لم يحدث..

 

ولذلك أرجو أن ينظر مدمنو الاستنتاجات إلى استضافة دكتور يوسف إعلاميا للمرة الأولى منذ تنحى مبارك فى إطارها الإعلامى والمهنى فقط، ولا يتركون العنان لخيالهم ليجرهم إلى استنتاجات بعيدة.

 

 برلمانا وعدالته !


ولهؤلاء أقدم لهم هذه الحكاية التى سبق أن نشرتها فى إحدى كتبى التى حاولت فيها تقصى حقيقة ما حدث منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ فى مصر، وهو كتاب : ( ٥٠٠ يوم من حكم الجنرالات )..

 

والحكاية تحكى أحد كواليس تشكيل حكومة الفريق شفيق الأولى التى تشكلت بعد استقالة حكومة الدكتور أحمد نظيف.. فعندما كلّف مبارك شفيق بتشكيل الحكومة منحه فى البداية حرية اختيار كل وزرائها باستثناء وزير الخارجية، حيث طلب منه استمرار أحمد ابو الغيط فى الحكومة.. 

 

وقبل أن يغادر القصر الرئاسى طلب مبارك أيضا من الفريق شفيق أن يبحث لوزير الاعلام أنس الفقى عن مقعد وزارى ولو مقعد وزارة الشباب.. أما فى اليوم التالى وعندما ذهب شفيق ليطلع مبارك على الأسماء المرشحة فى حكومته فاجأه الرئيس الأسبق بطلب أن يضم للوزارة الجديدة كل من المهندس احمد رشيد وزير التجارة والصناعة والدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية..

 

ولأن ذلك لم يكن الفريق شفيق يرغب فيه فقد استعان بالوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات وقتها لإقناع مبارك بالعدول عن ذلك لأنه لن يرض الرأى العام الغاضب وسيعني أن لا تغيير حدث..

 

 ماذا نريد من الصحافة والإعلام ؟!

 

غير أن مبارك أصر وطلب من الفريق شفيق الاتصال بهما، وأمام إصرار الرئيس الأسبق فعل ذلك، غير أن كلا من رشيد ويوسف رفضا الاستمرار فى الحكومة الجديدة وأبلغ رشيد شفيق أنه فى طريقه هو وأسرته إلى خارج البلاد، بينما أبدى يوسف استعداده لتقديم أى عون، حتى ولو كان تقديم القهوة لرئيس الوزراء الجديد، لكنه ليس مستعدا للبقاء فى منصبه!

 

خلاصة الأمر أن مبارك وحده فى يناير ٢٠١١ وقتها كان وحده الذى يرغب فى استمرار يوسف ورشيد وأنس، والأغلب أن هذه كانت رغبة ابنه جمال أيضا، بينما كان شفيق وعمر سليمان وآخرون لا يوافقونه على ذلك، بل يعتبرون أن الأمر يقتضى إبعاد عدد من الشخصيات عن الحكومة أبرزها رشيد ويوسف وحبيب العادلى وأحمد المغربى وأنس الفقى.


لذلك أرجو أن نتعامل مع استضافة إحدى قنواتنا ليوسف بطرس غالى فى لقاء إعلامى باعتباره عملا مهنيا، ويقيم فى الإطار المهنى فقط، ولا يتم التعامل معه بمنظور سياسى.

 

الجريدة الرسمية