رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دراما الخراب

نشكو في كل رمضان من سوء مستوى الدراما التي تعرض بكثافة في الشهر الفضيل. إلا أنها في هذا العام بلغت حدا متدنيا فاق في التدهور كل ما عرض على الشاشات في السنوات الماضية.

 

ففي الماضي كنا نشكو من "الهيافة" وربما بعض الخروج عن القيم والأخلاقيات، لكنا هذه السنة فوجئنا بأن بعض المسلسلات تدعو إلى الرذيلة علنا، بل وتتحدث بعضها بصراحة ووضوح عن زنا المحارم.. وأتحدث هنا عن "البرنس"، وهو مسلسل لا يعدو أن يكون حدوتة سخيفة عن الظلم الاجتماعي الذي ربما لا يوجد إلا في خيال المؤلف..

 

وحتى إن حدثت حالات مشابهة فلا يجوز تعميمها وكأنها ظاهرة تستحق لأن نتناولها في مسلسلات تعرض على الشاشة، وتدخل كل البيوت، وتعرض خارج مصر؛ فيظنها الكثيرون معبرة عن حال مصر وأهل مصر..

 

اقرأ أيضا: "الاختيار".. والحرب على الإرهاب

 

فيتعاملون مع المصريين على أنهم أهل شر وخراب اجتماعي وانهيار قيمي.. وهكذا تتحول القوة الناعمة إلى سلاح فاسد يصيب صدورنا بدل أن يعرض الصورة الحقيقية المشرقة الجميلة لشعب مصر، المؤمن، الصابر، المضحي.. مثلما فعل، وبجدارة، مسلسل "الاختيار"، الذي حقق من النتائح الإيجابية ما تعجز عن تحقيقه آلاف الأغنيات والخطب والكلمات.

 

"البرنس" للأسف هو جريمة ارتكبت في حق مصر وشعبها، الذي يواجه صعوبات الحياة والجائحة والإرهاب، بقلوب مؤمنة بقضاء الله، ونفوس راضية بحكمه، فإذا بالمسلسل يشوهها ويظهرها على أنها لا تبحث إلا عن المال والجنس والكيف، وتبذل في سبيل ذلك كل شيء ولو كان من المقدسات!!

 

الذنب لا يقع على الممثل، الذي ارتضى أن يكون أداة لتدمير صورة بلده، وتشويه وجهها الجميل، فحسب.. ولكن المؤلف والمخرج مشاركون في الجرم والخطيئة..

 

اقرأ أيضا: السودان.. هل يستوعب الدرس؟!

 

ولا أريد أن يغادرنا رمضان دون أن أعرب عن استغرابي الشديد من الكم الهائل من الأخطاء الساذجة التي وقع فيها منفذو "الفتوة".. والذي اعتقدت وأنا أشاهد بعض حلقاته أن المخرج يمارس هذه المهمة لأول مرة.. بداية من اختيار بعض الممثلين غير المناسبين لأداء بعض الأدوار، مثل أحمد خليل الذي لم يساعده سنه ولا جسمه على إقناعنا بكونه فتوة.. ولا الاختلاط الغريب بين الرجال والنساء، وكأن الأحداث كانت تدور في بيئة حديثة متسامحة بهذا الشأن، وليس في أواخر القرن 19..

 

ولا أن ترتدي العروس فستانا على أحدث موضة.. ولا أن تتناول بعض الشخصيات الشاي في أكواب ذات طرز عصرية.. ولا أن يقوم "طبيب.. رجل" بفحص السيدات.. وليست "الداية"، فيبدو أن المؤلف لم يتعمق فى القراءة عن العصر الذى إختاره لتدور فيه أحداث المسلسل!!

 

اقرأ أيضا: حرب الراديو في أفريقيا

 

كذلك يبدو المخرج وكأنه يهتم بشخصية معينة في بعض الحلقات وفجأة ينساها وينسى وجودها ثم يتذكرها، أو ينبهه أحد فيعود إليها.. وهكذا. والغريب أن يحاول إقناعنا بأن الفتوة بمكن أن يتسامح في تعرض ابنته للإيذاء و"البهدلة" حتى لو كان ذلك من فتوة آخر هو زوجها، ويسكت كما لو أنه شخص ضعيف مهيض الجناح!!

 

ما خرجت به من دراما هذا العام أن ثقافة البطل تفرض نفسها على العمل.. وأن قبول الممثل لأدوار معينة يعطيك تقييما لشخصيته.. فالممثل الذي يقبل بدور بطولة يتسم بالعنف ومحدودية الفكر، فهو في الحقيقة غير واع وغير مثقف.. والممثل الذي يؤدي دور بطولة لا يعتمد إلا على التفاهة والاستظراف وافتعال خفة الظل فهو كذلك..

 

والممثل الذي لا يبحث إلا عن أدوار تقدم جديدا مفيدا، ويحرص على أن يكون دوره إضافة للفن، مثل أمير كرارة ويوسف الشريف، فهو الإنسان الواعي الذي يحترم نفسه؛ لإدراكه أنه يساهم في صنع مستقبل بلده.

Advertisements
الجريدة الرسمية