رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب : خلعت الكرافتة السوداء

احسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس

فى عام 1958 كتب الأديب إحسان عبد القدوس مقالا بعد شهرين من وفاة والدته السيدة فاطمة اليوسف الشهيرة بروز اليوسف التى رحلت فى مثل هذا اليوم 10ابريل 1958 التى كانت اول سيدة تؤسس دار صحفية فى مصر هى دار روز اليوسف وذلك عام 1925

قال في مقاله : منذ اكثر من شهرين وانا احاول وانا أقنع نفسى بخلع الكرافتة السوداء التى ارتديتها  حزنا على وفاة امى السيدة الفنانة فاطمة اليوسف ، كنت احاول ان اقنع نفسى بأن شارة السواد لا تعبر حتما عن الحزن والم الفراق .

إن الناس فى بعض البلاد يرتدون اللون الابيض اعلانا عن الحداد وبعضها لا يرتدى ملابس للحداد ورغم ذلك فإنى لم اكن استطيع التخلص من الكرافتة السوداء .التى هى علامة الحداد للرجال فى مصر . كنت كلما هممت بأن أمد يدى الى كرافتة ملونة احس بأنى أضحك ، وانا لا أريد أن أضحك ..فانا حزين وسأبقى حياتى كلها حزين جدا .

كان يجب ان اتخلص من هذا الحزن ،إنها كانت ــ رحمها الله ــ تنصحنى ان اضحك وأن أتفاءل وأقبل على الحياة ، فأغمضت عينى ومددت يدى الى كرافتة ملونة ووضعتها على صدرى . سرت فى الطريق وانا أشعر بالخجل كأن على رأسى طرطور ، أحسست كأن الناس يشيرون الى الكرافتة الملونة ويسخرون منى ويتهمونى بالجحود . ذهبت اليها وجلست الى جانبها صامتا والمقرئ يتلو القران وحاولت ان اتخيلها غاضبة منى ، لكن كانت كل الصور تتوالى فى خيالى تبدوا هى فيها مبتسمة ولم استطع انها ان اتصورها غاضبة .

إحسان عبد القدوس يحكى ذكريات إصدار مجلة "صباح الخير”

ان ابتسامتها هذه المرة كانت اكبر مما تعودتها منها كأنها تشجعنى ، كأنها تدفعنى الى الضحك . خرجت من عند امى وهى ترقد فى مقبرتها مبتسما ..خرجت من عندها بعد ان تزودت منها بطاقة جديدة للحياة ، للتفاؤل ، للامل وللعمل كما كانت تحب .

الجريدة الرسمية