رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شواذ كرة القدم

ربما توحى هيئته وملابسه أنه ينتمى إلى ما تحت الطبقة المتوسطة، كان يجلس بجوارى على مقهى شعبى في حي فقير يتابع مثلى ومثل غيرى مباراة الزمالك والترجى، وعلى مقربة منا مجموعة من الشباب تبدو هيئاتهم على نحو مغاير للرجل المجاور لي..

 

بدا إن الرجل من محبى الزمالك، وظهر بوضوح أن مجموعة الشباب من محبى فريق الترجى، رغم أنهم مصريون وربما لم يسافروا إلى تونس ولا مرة.

 

اقرأ أيضا: كلام في «الأهلي»

 

بعد وقت غير قليل أدركت أن الشباب من محبى النادى الأهلى مثلى تماما، وأن الرجل البسيط أيضا من محبى الأهلى، الرجل البسيط يرفع يديه إلى السماء بين الفينة والأخرى، داعيا أن يسجل الزمالك هدف التعادل، أما الشباب فإنهم يصرخون أمام كل هجمة تضيع من فريق الترجى، معلنين دون خجل ضياع فرصة الترجى في تحقيق انتصار كبير، وإخراج الزمالك من البطولة، الحق أننى كنت مندهشا جدا!!

 

اقرأ أيضا: الخطيب.. الحبيب!

 

كنت أناضل مع الرجل ومشجعى الزمالك، معبرا عن سعادتي بالأداء الرجولي لأبناء القلعة البيضاء، وما أن أطلق الحكم صافرة النهاية وتنفسنا الصعداء، كادت معركة أخرى تدور رحاها بين الرجل البسيط الذي هتف للزمالك دون وعى منه وسط جلبة من الحسرة سادت بين الشباب..

 

غريب أمر صناعة الرياضة وخصوصا كرة القدم، ينتقل فيها الانتماء عبر الحدود، ويسجل التعصب الأعمى منحى ومعنى جديدا للانتماء.

 

اقرأ أيضا: شوقي غريب.. زعيم الحزب الأكبر

 

نفس الأمر قد تراه بين مشجعى الزمالك بين عاقل يتمنى فوز الأهلى في المسابقات الدولية، وبين أحمق ومجنون يشجع الخصم ضد فريق من بلاده، وقد لا يختلف الأمر بين جماهير الترجى والنجم الساحلى، حيث يصبح الانتماء القبلى المحدود هو اللغة التي تسود دون البحث في منطق هذا الانتماء، فعلا ساحرة مستديرة تحول الناس وتنقلهم من خانة الوطنية الواسعة إلى وطنية تحدد معاييرها داخل إطار النادى، وليس داخل إطار الوطن الأكبر.

 

اقرأ ايضا: البدري وشوقي.. وجهان متناقضان

 

الرجل البسيط الذي جاورني طوال المباراة أسعدنى بتعقله وإحساسه العالى بأن فوز فريق مصري حتى لو كان الخصم اللدود لفريقه الذي يحبه هو أمر طبيعى وليس مثالية يدعيها.. قال ذلك بكلمات بسيطة ومركزة ومؤثرة، بينما مجموعة الشباب قالت عكس هذا دون خجل أو تردد، ليتغير المأثور الشعبى القائل “أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب” ليصبح “أنا ضد أخويا وضد ابن عمى وضد وطنى إن لزم الأمر”!!

Advertisements
الجريدة الرسمية