رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كلام في «الأهلي»


إياك أن تطمئن إلى رؤية معلق رياضي، وحذارِ أن تسلم مشاعرك له، فهم في معظمهم ضحلو الثقافة رغم شعبيتهم الجارفة.. إنك إن سلمته رأسك كان العين التي ترى بها، وهي عين يعميها عادة التعصب ومباراة الأهلي والترجي خير مثال.. تحدثنا قبلها على أنها مجرد مباراة في كرة القدم يفوز فيها من يفرض سطوته وقدرته وقراءته لمجريات المباراة، ويجب ألا تخرج عن هذا الإطار فتتسبب في خلاف شعبي بين دولتين ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما.


المعلق التونسي على بين سبورت كان يرى حتى الدقيقة الأربعين من الشوط الأول أن الأهلي فرض رؤيته على الترجي وأن أداء الترجي مخيب للآمال وما أن أحرز فريقه الهدف الأول حتى تحول بدرجة ١٨٠ درجة.. على الطرف الآخر كان معلقونا على ثبات بأن الأهلي فريق كبير ومن الصعب أن يدخل مرماه هدفان، وما إن سيطر الترجي وقدم لاعبوه كرة مدهشة ورائعة كان حديث المعلقين عن الأجواد العدائية ورداءة الملعب، وأحاديث أخرى لا علاقة لها بما دار في الملعب.

الترجي فاز لأنه الأفضل، وقد فاز في الجولة الأولى التي لم يكن الأهلي فيها حاضرا من الأساس، وكان فوزه فوزا وهميا لا علاقة له بما دار في الملعب.. فريق الأهلي مجموعة من المرتزقة تم شراؤهم من مدارس مختلفة بعد سيادة روح البيع والشراء وغياب مفهوم الانتماء.. ربما كان فيهم "وليد سليمان" واحد من المنتمين، أما الآخرون فهم ليسوا إلا بضاعة تباع وتشترى.. لا حماس ولا شهامة ولا رجولة في الملعب.

غابت روح الفانلة، وسيطرت لهجة المال والدفع والمكافآت، ولم يعد الأهلي مدرسة تخرج أجيالا كما كانت.. معظم اللاعبين ظهروا في مباراة رادس وكأن على رؤوسهم الطير.. عواجيز لا تطاوع عقولهم أجسامهم.. هوة سحيقة بين ما يدور في الرؤوس وما تفعله الأقدام.. كان أداؤهم خاليا من الروح والإحساس بالمسئولية، وبدا العملاق الأهلاوي قزما صغيرا أمام رجولة وحماس وأداء أبناء الترجي الذين أمتعونا بمباراة علا فيها كعبهم على كسالى القوم الأحمر.

ولأنني أهلاوي حتى النخاع فإنني لا أعفي الكابتن محمود الخطيب الذي أجله وأحترمه وأقدر تاريخه، لأن الأحداث أثبتت أنه إداريا ليس على القدر الكافي.. لقد كنا نظن أن الخطيب قادم إلى رئاسة الأهلي وفي جعبته حلول سحرية.. كنا نتصور أن في أجندته إدارة فنية على أعلى مستوى وكنا نظن أن لديه تصورا لعودة روح الأهلي كما كانت، وكنا نتوهم أنه قادم ليعيد الأمور إلى نصابها وأن الأهلي في عهدته سيجتر التاريخ ليصنع أياما من المجد.

صحيح نجحت إدارة الأهلي في التعامل مع تبعات الهزيمة المخجلة بأداء هادئ لا عصبية فيه، إلا أن المخاوف لا تزال تسيطر على جمهوره بسبب الإحساس بغياب الرؤية والإستراتيجية التي لم تظهر ملامحها على مدى الفترة الماضية عندما سلم الكابتن محمود الخطيب نفسه وناديه وأحلامه لطريق وحيد جرى اختزاله في ثري عربي.. ضاعت الأحلام وتاه الطريق وتخبط النادي عندما انسحب أو سحب الرجل من الوسط الرياضي.

دولة الأهلي غنية بتاريخها وبمقدراتها وقادرة على الإيفاء باحتياجات النادي، والأفكار من خارج الصندوق كفيلة بإعادة مدرسة الأهلي كما كانت، أما رهن الأحلام على الغير والاستعانة بما ليس بين أيدينا من شأنه أن يغير من مسار نادي القرن، والذي يبدو أنه مع بدايات القرن الثاني في حال لا تنبئ بما يمكنه من الاستمرار في صنع التاريخ..

وقفة مع النفس يمكنها أن تخرج من فكرة بزنس الصفقات إلى صناعة النجوم؛ فالأهلي وحده في الساحة قادر على ذلك وقد فعله كثيرا.
Advertisements
الجريدة الرسمية