رئيس التحرير
عصام كامل

إعدام الإخوان


بالتأكيد إن هذا ليس هو الهدف الذي يجب أن نسعى إليه، ولا يجب أن نقبل الكلام الذي يردده البعض حول ضرورة عودتهم للسجون وإقصائهم عن الحياة السياسية تمامًا، لأننا في الحقيقة لو فعلنا ذلك فسوف نكون مثلهم ديكتاتوريين ومثلهم إقصائيين، ناهيك عن أننا سنفشل تمامًا في هذه المهمة التي يعتبرها البعض مقدسة ( يا احنا يا همه). بالضبط مثلما فشلوا هم فشلًا ذريعًا في إقصاء غيرهم، وعلى حد تعبير شاب إخواني "متهنيناش بالحكم". 

إذن هم سيظلون موجودين ومعهم حلفائهم من السلفيين وباقي الأطياف الدينية. 

العقبة الكبرى في طريق التعايش، الأمر هنا لا يتعلق بهم كأفراد، هي المشروع السياسي لهم والذي يعتمد في جوهره على نفي الآخرين، فهو مشروع إلهي، وهم وكلاء الله جل علاه على الأرض، ومن ثم فإقصاء الأطراف السياسية الأخرى ليست عملًا سياسيًا مجرمًا، ولكنه جهاد في سبيل الله، سيوصلهم إلى الجنة. 

صحيح أن الكثير من التيارات السياسية في بلدنا أيضًا إقصائية لأنها تستند إلى خلفية أيديولوجية، فقد كتب المناضل الشيوعي المعروف كمال خليل منذ فترة على الفيس بوك متسائلًا بما معناه، هل سنكون مثل الإخوان لو وصلنا إلى الحكم؟. 

تساؤل المناضل اليساري الكبير منطقي ومحترم وفيه صدق نادر، فالنظرية الماركسية لا ترى سوى الطبقة العاملة وتقصي باقي الطبقات، ولا ترى سوى حزب واحد وتحرم أية أحزاب من الوجود، بل وتعتبر أي تيار أو فكر آخر هو عدو للمشروع الإشتراكي، ربما ستجد أيضًا القوميين والناصريين كذلك، صحيح أن أيديولوجيتهم أكثر مرونة ولكن في التاريخ كل الأنظمة التي استندت إلى هذه الخلفية مارست أبشع أنواع الإقصاء والإستبداد. 

لكن لابد من الإشارة إلى أن الخلفية الدينية أخطر، فهي تستند إلى السماء، وليس إلى إيديولوجيا أرضية يمكننا التشكيك فيها بسهولة، من ثم فالاعتراف أو قبول التيارات الدينية لابد أن يستلزم إقرارًا منهم أو من غالبيتهم بأن حق الآخرين في التواجد ليس منحة وليس مشروطًا، ولكنه حق بديهي، والدولة المصرية لا يجب أن تكون حكرًا لهم ولمشروعهم، ولكن حق لكل المصريين على اختلاف عقائدهم وأديانهم وتوجهاتهم السياسية. 

هل سيصل الإخوان وحلفاؤهم إلى هذه البديهية؟ 

أظن، فعلى الأرض فشلوا فشلًا ذريعًا كما قلت في بداية المقال في السيطرة الكاملة على البلد، ولكنهم سيأخذون وقتًا طويلًا وستدفع البلد ثمنًا غاليًا حتى يدركوا أن مصر وطن كل المصريين.
الجريدة الرسمية