رئيس التحرير
عصام كامل

الدولة الفشنك!

الموقف العسكرى الهزلى الذى ظهرت فيه الدولة الإيرانية، يعيد إلى الأذهان صورة الفتوة الذى فرض سيطرته على الحارة بالجبروت وبالأتباع، دون أن يتعرض لاختبار ضرب واحد، حتى داهمه فتوة آخر مفتول العضلات، له رأس ثور، ناطحه بمجرد الوقوف أمامه..

 

فلما طال وقوف الفتوة الثور أمام الفتوة التيس، دعاه الثور للنزال، فيتراجع التيس خطوة بعد خطوة، حتى لحق به الثور وركله ركلة قلبته على ظهره وسط ضحكات أهل الحارة الذين توقعوا أن يمضوا بقية عمرهم تحت سوط وسطوة هذا البلطجى الأجوف.

صورة إيران الآن أمام العالم هى صورة التيس. بعض المواجهات تعطى نتائج كاشفة. وإلا أن ايران نفسها هي من رفعت سقف توقعات شعبها بالانتقام غير المسبوق، بعد قتل أمريكا للإرهابى الرسمى قاسم سليمانى.. كشفت ايران عن ضعف مزر فى موقفين:

 

قبول شروط ترامب للانتقام المخفف، أي أن تسقط الصواريخ على مناطق خالية من الجنود الأمريكيين أو جنود التحالف. وبالفعل سقط ٢١ صاروخا على قاعدتى عين الأسد وأربيل ولا أمريكي واحد أو غربي واحد قتل أو أصيب..

 

اقرأ ايضا: تبا لنا كم تغيرنا!

 

وبعد انتهاء القصف أعلن وزير خارجيتها جواد ظريف : انتهى انتقامنا ولا تصعيد. كذبوا على شعبهم وقالوا إن القصف أسفر عن قتل أكثر من ٨٠ جنديا أمريكيا.. لا جثث ظهرت، ولا نعوش برزت من بطون الطائرات في مطارات أمريكا أو قواعدها في ألمانيا.

 

أن تنتقم من عدوك بشروطه هو إذلال يفوق الاحتمال .مع ذلك قبلوا به لأن رد الفعل الأمريكي على رد الفعل الإيراني كان قاصما حاسما ومدمرا.

 

الموقف الثانى متعلق بالموقف الأول لأن قاسم سليمانى القتيل مارس حرفته في القتل حتى وهو ميت.. فى جنازته تدافع مئات الآلاف من مشيعيه فسقط منهم تحت الأقدام ٥٦ قتيلا، وأصيب ٢١٣ .

 

لكن الكارثة الحقيقية المفجعة هى مصرع ١٤٣ إيرانيا، ضمن ١٧٦راكبا، سقطوا بصواريخ إيران التي انطلقت ليلة الانتقام في وقت متزامن مع إقلاع الطائرة الأوكرانية المدنية. تحطمت الطائرة إثر إقلاعها بدقائق، وأعلنت إيران عن عطل تقنى سقطت بسببه. لكن الأقمار الصناعية الأمريكية رصدت صاروخا ووهجا ثم انفجارا هائلا تناثرت معه أشلاء الطائرة مختلطة بأشلاء الركاب المساكين. احترق المعدن واللحم البشرى..

 

اقرأ أيضا: دموع "عزت بدوى".. دموعنا كلنا!

 

لمدة يومين حاولت إيران إخفاء الحقيقة، حتى حاصرها الأمريكيون والكنديون بالمعلومات والأدلة الدامغة، فعادت واعترفت وهى ذليلة للمرة الثانية وندم قائد الدفاع الجوى بالحرس الثورى وقال: كنت أتمنى الموت ولا أشهد أبدا هذه الفاجعة.. أنا مسئول عن الحادث.

 

تحدث الجيش الإيرانى عن ارتباك ملحوظ على شاشات محطات الرادار المعاونة للصواريخ.. فقد حددت أجهزة الرصد هذه الطائرة الأوكرانية على أنها صاروخ كروز، وهو ما أدى إلى اعتبار الطائرة هدفا معاديا وفى تبرير مختلف قالوا إن الطائرة حلقت فوق منطقة وصفوها بالحساسة..

 

ومهما تعددت التبريرات والتفسيرات.. فإن إيران باتت دولة مذنبة وستدفع تعويضات تقدر بـ٢ مليار دولار للضحايا من الجنسيات الأخرى أما مواطنوها فمقدور عليهم والإ! كيف تحول الذئب الى هرة؟ سؤال يطرحه العالم ساخرا، لكن السؤال الأنسب هو: كيف تحولت الهرة إلى ذئب؟

 

الإعلام والإرهاب والميليشيات صنعت الوحش الإيراني، ورغم صواريخه فإنه عجز حتى عن استخدامها، بل استخدمها بالطريقة التى حددها له عدوه! من الطبيعي أن الوضعية الفشنك للعسكرية الإيرانية موضع إعادة تقييم فى دول الخليج وفى إسرائيل.. وربما فى طهران نفسها.         

الجريدة الرسمية