رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الشرع فى النفخ في الطعام

حكم الشرع فى النفخ
حكم الشرع فى النفخ فى الطعام -صورة أرشيفية

اعتدنا على النفخ فى طعام الأطفال لتبريده، خاصة عندما يبكون للمساعدة فى تبريده بسرعة، ولكن علمنا ان هذا تصرف غير جائز شرعا، فما حكم الشرع فى النفخ فى الطعام لتبريده؟

 

أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا السؤال قائلة: إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة جاءت لسعادة الدارين، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظم للإنسان كل شئون حياته من العبادة، والمأكل والمشرب والملبس، ومواكبة الحضارة، والتعلم والتعليم، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع في ذلك كله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» أخرجه الطبراني في "الأوسط".

 

اقرأ ايضا: ما هى النميمة وما حكم الشرع فيها؟

 

ومن السلوكيات التي نهت الشريعة عنها النفخ في الطعام والشراب، فقد جاء في "مسند أحمد" عن ابنِ عباس رضي الله عنهما قَال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ". والمقصود من هذا النهي: الإرشاد إلى ترك النفخ في الطعام والشراب مخافة أن يقع فيه شيء من ريقه فيتعذر الآكل منه، وقد تقرر في الإسلام أنه "لا ضرر ولا ضرار"، وليس علة النهي نجاسة لعاب الآدمي، إذ من المقرر شرعا أن لعاب الآدمي طاهر.

 

جاء في "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (1/ 291): (قال المهلب: ففي أحاديث هذا الباب دليل على أن لعاب أحد من البشر ليس بنجس ولا بقية شربه، وذلك يدل أن نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن النفخ في الطعام والشراب ليس على سبيل أن ما تطاير فيه من اللعاب ينجسه، وإنما هو خشية أن يتعذره الآكل منه، فأمر بالتأديب في ذلك] اهـ.

 

هذا، وقد ذهب السادة الحنفية إلى عدم كراهة النفخ في الطعام إلا إذا كان له صوت مثل "أف"، وهو تفسير النهي عندهم، جاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 337): [فِي "النَّوَادِرِ" قَالَ فَضْلُ بْنُ غَانِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ هَلْ يُكْرَهُ؟ قَالَ: لَا إلَّا مَا لَهُ صَوْتٌ مِثْلُ "أُفٍّ"، وَهُوَ تَفْسِيرُ النَّهْي] اهـ.

 

واقرأ ايضا: حكم الشرع في الزواج بمن سبق لعمه أو خاله نكاحها؟

 

وذهب المالكية إلى أنه لا بأس بالنفخ في الطعام إذا كان الآكل أو الشارب منفردا، جاء في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (2/ 319): ((وَيُنْهَى) لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ (عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ)، وَعَنِ النَّفْخِ فِي (الشَّرَابِ)؛ خَوْفَ إصَابَةِ رِيقِهِ لِلْبَاقِي، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ؛ فَقِيلَ: لِإِهَانَةِ الطَّعَامِ، وَعَلَيْهِ: فَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهِ وَإِنْ أَكَلَ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: لِئَلَّا يُصِيبَ رِيقُهُ الْبَاقِيَ فَيُؤْذِيَ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ: فَمَحِلُّ النَّهْيِ إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ)اهـ.

 

ويرى الحنابلة عدم كراهة النفخ في الطعام إذا كان حارا وكانت هناك حاجة إليه قبل أن يبرد، جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (8/ 328): [وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ حَارًّا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ، وَيُكْرَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ الْحَارِّ؛ قُلْت: عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ] اهـ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

الجريدة الرسمية