رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما يرحل الصغار!

بالأمس كانوا ملء منازلنا    واليوم -ويح اليوم- قد ذهبوا

دمعي الذي كتمته جلدا        لما تباكوا عندما ركبوا

هيهات ما كل البكا خور     إني -وبي عزم الرجال- أب.

 

تلك الأبيات من قصيدة للشاعر السوري الراحل “عمر بهاء الدين الأميري”، قال عنها صاحب الفضل في نشرها عبر وسائط التواصل الاجتماعي إنها "تصف حال الوالدين بعد زواج الأولاد (ذكورا وإناثا) وتركهم لبيت العائلة. وربما كان وراء إعادته لنشرها حنينه الجارف إلى الأبناء والأحفاد الذين أبعدتهم مشاغل الحياة عن والديهم وهم في أشد الحاجة إليهم، وربما وصف القصيدة بأنها رائعة تعبر عن الحنين إلى أولاده عندما سافروا وتركوه وحيدا في بيته.

 

فهل كان يقصد أسرة ابنته في السعودية، ويعبر عن أشواقه لرؤية أحفاده. ولا ينسى أن يذكرنا بمدى إعجابه بالقصيدة.. عبر شهادة كاتبنا العملاق “عباس محمود العقاد” الذي قال "لو للأدب العالمي ديوان لكانت هذه القصيدة في طليعته"، فهل كان يؤكد من جديد أنها تعبر عن أشواقه.

اقرأ ايضا: من أجل صحافة حرة

ربما. عندما نشرت القصيدة ألهبت مشاعر المصريين، لأنها اتكأت على جرح ما زال ينزف، ففي كل بيت شكوى من نسيان الأبناء والأحفاد للآباء والأمهات، إما لانشغالهم بأمور الحياة وإما لغياب فضيلة الوفاء، ولا تطاوع قلوب الآباء والأمهات إدانة الأبناء، إنما يناشدونهم أن يضعوهم ضمن اهتماماتهم.

 

وقبل أن يتوقف الحوار حول ما تضمنته القصيدة من معان إنسانية جاء الخبر المأساوي من السعودية، رحل حفيدا الرجل في حادث فظيع. وما أقسى الفراق على الآباء والجدود، رحيل الصغار يدمي القلوب ويجدد الأحزان. عن فارس مصرى أخلص لوطنه وقدم له عبر مسيرة طويلة العطاء بلا حدود.

واقرأ أيضا: أشوف مواقف اثيوبيا أستعجب

ولم أكن أود أن أكتب عن الإنسان "محسن النعماني" فى تلك المناسبة الحزينة، وقد عرفته منذ سنوات عندما كان محافظا لسوهاج، وقدم تجربة فريدة.. تثبت بحق أن المحافظ يستطيع أن ينهض بمحافظته، ولو نجح في كسر الحواجز بينه وبين المواطنين. وعندما تولّى وزارة التنمية المحلية اهتم بتدريب العاملين في وزارته، وحرص على المتابعة الدقيقة لما يجري في المحافظات.. وانحاز في قراراته لأصحاب الدخول المحدودة.

 

في آخر لقاء معه قبل الفاجعة قلت له هناك أشخاص يستمدون مكانتهم من الوظائف التي احتلوها، وغيرهم أكبر بكثير من تلك الوظائف، حتى لو اقترنت بمنصب الوزير.. وأنت أحدهم. لم أكن أجامل الرجل الذي طالما واجه محنا عديدة واستطاع اجتيازها بإيمان لا يتزحزح.. وسيتغلب على محنته الأخيرة، ويعود إلينا لنستفيد من علمه وخبرته.

 

Advertisements
الجريدة الرسمية