رئيس التحرير
عصام كامل

المتهمون بــــ"تخريب البورصة".. جهل رجال الأعمال بآلية "الشورت سيلنج" على رأس الأزمات.. و"طرح أرامكو" ضمن القائمة

البورصة المصرية ..صورة
البورصة المصرية ..صورة أرشيفية

 

"نوفمبر شهر الأزمة".. الوصف الأدق الذي يمكن استخدامه عند الحديث عما يحدث داخل البورصة المصرية، فوفق شهادات عدد من خبراء أسواق المال، فإن المناخ المصرى لا يزال طاردًا للاستثمار، كما أكدوا أن تطبيق الآليات الجديدة كـ"الشورت سيلنج" وغيرها يعتبر واحدًا من الأسباب الرئيسية للتراجعات التي يشهدها سوق المال المصرى، لا سيما أنه لا تزال هناك ثقافة غائبة ووعى غير متوافر بأهمية هذه النوعية من الآليات أو حتى إدراك كيفية التعامل الصحيح معها، فضلًا عن طرح «أرامكو» وغياب السيولة فى السوق، وجميعها أسباب تفسر التراجع الذي شهدته البورصة خلال نوفمبر الماضي. 

 

مقترحات  

وقدم خبراء أسواق المال، عدة مقترحات لإخراج سوق المال المصري من كبوته وأزماته المتلاحقة قبل فوات الأوان، مشددين على أن البورصة فى حاجة ماسة لتدخل عاجل يكون على جميع المستويات، إلى جانب العمل على وضع ضوابط للضرائب المفروضة على التداول أو الإعفاء منها، وكذلك إصلاح منظومة الاستثمار المباشر بشكل عاجل.

 

وفى هذا السياق قال الدكتور محمد شعراوى، خبير أسواق المال، رئيس قطاع التدريب بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية: الهيئة العامة للرقابة المالية أصرت على تطبيق آلية الـ«شورت سيلنج» فى البورصة، رغم وجود مشكلة حقيقية في تفعيلها خلال الوقت الحالي، وقرار التطبيق يمكن وصفه بـ«المغامرة»، فغالبية المستثمرين يجهلون التعامل بهذه الآلية، وسبق أن اشتكت الشركات من عدم تفهم موظفيها لكيفية التعامل مع هذه الآلية.

 

وأضاف متسائلًا: من أين سنأتى بالأسهم التي سيتم تسليفها للمستثمرين، وكم تبلغ كمية النقدية التي سنأخذ عليها «شورت سيلنج»؟ ولذلك لا بد من وجود ضوابط لحماية الأسهم، وتحديد الفترة الزمنية لها ونسبة الفائدة عليها طوال فترة الاقتراض، وإلى جانب هذا لا بد من عمل توعية للمستثمر بآليات التعامل مع هذه الآلية، وكيفية البيع، وكيف ومتى يعود للشراء، وهل سيكون للآلية حساب خاص بها، ومع غياب هذه المتطلبات أتوقع أن يكون الفشل مصيرها.

 

وأرجع «د. شعراوى» الخسائر التى منيت بها البورصة خلال الأسبوع الأول من تفعيل آلية الـ«شورت سيلنج» إلى عمليات البيع الكبيرة التى قام بها المستثمرون نتيجة الآلية الجديدة وعدم تفهمهم كيفية التعامل بها.

 

تراجع 

 ومن جهتها قالت عصمت ياسين، خبيرة أسواق المال: أنهت المؤشرات الرئيسية تداولات شهر نوفمبر بتراجعات حادة أثرت عليها عوامل داخليا وخارجيا، كما كان منها الإيجابي على الصعيد المحلي ولم تتجاوب معه أداء سوق الأوراق المالية، التى غابت عنها المحفزات الإيجابية فدفعت بتخارج العديد من الأموال الذكية التى تبحث عن الفرصة المناسبة لاقتناص عائد ربح عالٍ لتتجه جميعها صوب الطرح العملاق لأرامكو السعودية.

 

وبلا شك كان التراجع حليف السوق المصرى الذى تراجع وزنه النسبي في مؤشر مورجان استانلى للأسواق الناشئة تمهيدا لفتح الباب أمام وزن جديد للسوق الكويتى وسهم أرامكو بالسوق السعودى حال بدء التداول عليه، كما كان تراجع سعر الفائدة شأنه شأن الكثير من البلدان التى تحاول السياسة النقدية التيسير لفتح الباب أمام النشاط الصناعى المتعلق بالاعتمادات والقروض من قبل الجهاز المصرفي. 

 

وأضافت: شهدنا انعكاس الكثير من تلك العوامل على السوق المصرى بشكل سلبى، فتراجع المؤشر الرئيسى بـ4.3 % خلال نوفمبر الماضى الذى تراجع من أعلى نقطة له عند الـ 14830 نقطة فى محاولة للبحث عن مستوى دعم ترتد منه أسعار الأسهم حال ظهور أخبار إيجابية تدفع بحراك نشط للمستثمر بالسوق المصرى الذى فقد شهية المضاربات داخل سوق يئن تحت وطأة انحسار أحجام السيولة الداخلة وغياب أداء فنى إيجابى لحركة الأسهم التى تشهد أداء ماليا ضعيفا.

 

من جانبه حدد أحمد العطيفى، خبير أسواق المال، عددا من المقترحات التى يمكن أن تساهم فى حل أزمات البورصة المصرية، لافتا إلى أنه من بين تلك المقترحات ضرورة إلغاء ضريبة الدمغة على الطروحات الأولية مرة واحدة للطرفين (الشركة محل الطرح والمستثمرين)، وفى حالة البيع مرة أخرى يتم تحصيل قيمة الضريبة من البائع والمشترى بعد ذلك فى المرات التالية لعملية الطرح الأولى، وبذلك يمكن جذب شريحة كبيرة من العملاء وتحقيق أرباح لهم، ثم يتم تحصيل الضريبة على عمليات البيع والشراء التالية لذلك. 

 

الضريبة

وقدم «العطيفي» مقترحًا آخر يقوم على وضع حد إعفاء لضريبة الدمغة لقيمة التداول بحيث يكون مثلا إعفاء أول 10 ملايين جنيه قيمة تداول للفرد من ضريبة الدمغة، ووضع حد أدنى يقوم على إعفاء 50 مليون جنيه قيمة تداول للمؤسسات، وهى وسيلة جاذبة للمستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، وبالتالى تكوين قاعدة كبيرة من المستثمرين يمكن الاعتماد عليهم فى إنعاش البورصة وإعادة السيولة للسوق ورفع قيم وأحجام التداول اليومى، وبالتالى البدء فى تنفيذ برنامج الطروحات المنتظر.

 

فى حين قال الدكتور إبراهيم النمر، رئيس قطاع البحوث بشركة نعيم: من أجل إصلاح البورصة لا بد أن نبدأ فى إصلاح الاقتصاد المباشر بالتزامن مع إعادة النظر فى تكلفة التداول بالبورصة والرسوم والإجراءات والضرائب، وهناك أزمة ثقة فى السوق المصرى قد تدفع المستثمرين للعزوف عن ضخ استثمارات جديدة فى البورصة فى ظل المناخ السلبى الذى تعانى منه السوق حاليا.

 

وأكمل: سوق الأوراق المالية ما هى إلا انعكاس للاستثمار المباشر الذي يعاني ركودا حقيقيا وفقا لتقارير دولية، والتى أكدت أن الاستثمار الأجنبى المباشر فى أدنى مستوى له فى مصر فى الوقت الحالى، وهو ما ينعكس سلبًا على سوق المال المصرى، والبورصة المصرية تعانى منذ الأزمة المالية فى ٢٠٠٨ ورغم استعادة لأسواق المجاورة لنشاطها وقوتها إلا أن السوق المصرى لا يزال يعاني ولم يعد كما كان فى السابق ما أدى إلى تحول الاستثمار الأجنبى للأسواق المجاورة والتي أصبحت أسواقا ناشئة جاذبة للاستثمارات وأصبح السوق المصرى طاردا للاستثمار بشكل كبير، كما أن الاقتصاد المصرى لم يتعافَ بعد ولم يتخطَّ عنق الزجاجة، فقطاعا الأسمنت والحديد والصلب يعانيان، كما أن قطاع النسيج لديه أزمات مزمنة، وبالتالى فمن أجل إصلاح البورصة يجب أن نبدأ فى إصلاح الاقتصاد المباشر بالتزامن مع إعادة النظر فى تكلفة التداول بالبورصة والرسوم والإجراءات والضرائب.

 

نقلًا عن العدد الورقي

الجريدة الرسمية