رئيس التحرير
عصام كامل

المسئولية الإشرافية للرئيس الإداري.. هل تستوجب المساءلة؟

عالجت التشريعات الوظيفية المسئولية الإشرافية للرئيس الإداري في العمل سواء فى قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨ أو قانونى الخدمة المدنية رقمي ١٨ لسنة ٢٠١٥ و ٨١ لسنة ٢٠١٦ وحددت الإطار العام لمفهوم المخالفات التأديبية، وفي بعض الأحيان يلزم التفرقة بشأن انعقاد المسؤلية الاشرافية للرئيس المباشر عن خطأ الموظف المرؤوس بقصدٍ كان أو بغير قصد.

تقتضى الدقة والأمانة المتطلبة من الموظف العام أن يبذل أقصى درجات الحرص على أن يكون أداؤه للعمل صادرًا عن يقظة وتبصر بحيث يتحرى في كل إجراء يقوم باتخاذه ما يجب أن يكون عليه الرجل الحريص من حذرّ وتحرزّ.

 

حكاية «بنداري» في المؤسسات الحكومية

فإذا ما ثبت في حق الموظف أنه أدى عمله باستخفاف أو غفلة أو لامبالاة كان خارجًا بذلك عن واجب أداء العمل بدقة وأمانة ومن ثم يكون مرتكبًا مخالفة تستوجب المساءلة حتى ولو كان الموظف حَسِنّ النية، لأن الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد، وإنما هو يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي على الوجه المطلوب.

 

هل يستمر «وزير التربية والتعليم ونائبه» مع الحكومة القادمة؟

ولا يشترط في مجال المساءلة توافر الركن المعنوي أي تعمد الموظف مخالفة القانون أو التعليمات وإنما يكفي أن يثبت إهماله وعدم مراعاة الدقة والحيطة والحذر فيما يسند إليه من عمل لثبوت المخالفات في حقه.

 

وتطبيقا للقاعدة الأصولية القاضية بأن البينة على من ادعى، يكون علي جهة الاتهام أن تسفر عن الأدلة التي انتهت منها إلى نسبة الاتهام للمتهم، ويكون على المحكمة أن تمحص هذه الأدلة لإحقاق الحق من خلال استجلاء مدى قيام كل دليل كسند على وقوع المخالفة بيقين في ضوء ما يسفر عنه التحقيق من حقائق وما يقدمه المتهم من أوجه دفاع في أطار المقرر من أن الأصل في الإنسان البراءة.

 

هل يبعث «النواب» تسويات الموظفين من مرقدها؟

ومقتضى ذلك أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلى ادعاء لم يتم تمحيص مدى صحته في إسناد الاتهام إلي المتهم، ذلك أن تقرير الإدانة لا بد وأن يبني علي القطع واليقين، وهو ما لا يكفي في شأنه مجرد ادعاء لم يسانده أو يؤازره ما يدعمه ويرفعه إلى مستوى الحقيقة المستقاة من الواقع الناطق بقيامها المفصح عن تحققها.

 

كما أن القاضي يتمتع بحرية كامل في مجال الإثبات ولا يلتزم بطرق معينة وله أن يحدد بكل طرق الإثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتابها وفقا لظروف الدعوى المعروضة عليه وله أن يستند وإلى ما يرى أهميته ويبنى عليه اقتناعه وأن يهدر ما يرى التشكك في أمره ويطرحه من حسابه بحسبان أن اقتناعه هو سند قضائه دون تقيد بمراعاة استيعاب طرق الإثبات أو أوراقه.

 

النائب العام «فارس العدالة» يُتوج «الأميرة»

والعقاب يتعين أن يقام على اليقين وليس على الشك والظن والتخمين وأن إدانة سلوك الموظف لا بد أن يكون على وقائع صحيحة ثابتة في عيون الأوراق ومؤدية إليها ويقوم على توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويعينها لإثبات أرتكاب المتهم الفعل المنسوب إليه ولا يسوغ قانوناً أن تقوم الإدانة على أدلة مشكوك في صحتها أو ولايتها وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون.

 

12 عقوبة تأديبية تنتظر الموظف المنحرف

ويضاف الى ذلك، أن المسئولية التأديبية للرئيس الإداري صاحب الوظيفة الإشرافية لا تتحقق بمجرد ثبوت مخالفات وقعت في الأعمال التنفيذية التي تتم بمعرفة العاملين تحت رئاسته وخاصة فيما يقع منهم من تراخى في التنفيذ أو التنفيذ على وجه لا يتفق والتعليمات، لأن الرئيس الإداري ليس مطلوبا منه أن يحيط بكل وقائع العمل الذي يقوم به كل منهم، أو أن يحل محل كل عامل تحت رئاسته في أدائه لواجباته لتعارض ذلك مع طبيعة تنظيم العمل الإداري القائم على توزيع الاختصاصات ولاستحالة الحلول الكامل.

 

وإنما يشترط لتحقق مسئوليته توافر الخطأ الشخصي في حقه، بأن يثبت قبله فعلاً محدداً سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يكشف سوء ممارسته أو إهماله في مباشرة مسئولياته الرئاسية الخاصة بالرقابة والإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرؤوسيه بما يكفل المسئوليات وفي نطاق ما هو ممكن لمن في مثل مركزه الوظيفي وفي ضوء الظروف والملابسات لكل واقعة على حدة ، فإذا ما انتفى هذا الخطأ انتفت مسئوليته التأديبية حسن سير المرفق في حدود القوانين واللوائح والتعليمات المنظمة.

 

مفهوم حرية الرأي والتعبير في المقالات الصحفية

ولم تقف التشريعات الوظيفية عند حد المساءلة عن المسؤولية الإشرافية، بل كانت اكثر وضوحاً فى حالة امتناع الموظف عن تنفيذ أوامر رئيسه اذا خالفت تلك الأوامر القانون واللوائح والتعليمات، فلا مجال للطاعة العمياء، بل لا بد ان تكون عن بصيرةِ وفهم ، إلى حد إعفاء الموظف من المسؤلية إذا ما اعترض كتابة على الأمر المخالف الصادر له من رئيسه فى العمل، وصمم رئيسه على التنفيذ وأثبت ذلك مستندياً.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية