رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية «بنداري» في المؤسسات الحكومية

عبد البديع العربي فنان قدير، لم يلقّ حظه من الشهرة بقدر ما لقيّ من حُبٍ فى قلوب الناس، وأكاد أجْزِم أن أروع أدواره في تلك اللحظات الأولى من فيلم «العار» ، حين جسد شخصية «الحج» صاحب العطارة الذي تتجه نحوه الكاميرا بعد مشادة بين «بنداري» مع المُبدِع عبد السلام محمد، أقدم عماله المخلصين مع «زبونة» حول سعر البضاعة، فما كان من «الحج» إلا أنه انحاز للزبونة، وبرر البيع بالخسارة لـ«دندراوي» بأن ذلك هو «الحسنة المخفية» فبادره «بنداري» بالدعاء.

 

ولم ينته دور «الحج» الا بعد أن استدعى الدفاس وأبو دقشوم من المخازن للاستعداد للسفر إلى الإسكندرية، ثم يحضر نجله «كمال» الذي يجسد دوره الفنان نور الشريف، ليناقشه فى أخذ فوائد البنك ولو بضمها للجزء المخصص للفقراء فيخبره ولكن «الحج» رفض، وذهبا سويًا لصلاة الظهر

أحكام مجلس الدولة بين الدستور وقاضي الأمور المستعجلة

وبدلاً من أن نتعجب من أحوال «الحج» دعونا نتعجب من تطابق شخصيات الفيلم مع شخصيات بعض المؤسسات والهيئات الحكومية، فنجد «الحج» هو ذلك المسئول الذى لا يعبأ بنجاح المؤسسة بقدر ما يعبأ بالحركة الدؤوبة التي تدل على أن المؤسسة تعمل وتُنتج، إذ أن له اهدافاً خفية مثل تجارة المخدرات فى الفيلم، وقد تكون في المؤسسة هي العلاقات الإجتماعية والبدلات والحوافز وتصفية الحسابات مع الخصوم.

ماذا يحدث بعد إعوجاج مسلك القاضي؟

ولا عجب في شخصية كمال فهو الابن البار الذي حفظ سر أبيه «تجارة المخدرات» وسار على نهجه في المسرحية الهزلية وهو من سيخلفه فى المستقبل، أما الدفاس وأبو دقشوم فدورهما بسيط أمام العاملين بالمؤسسة، فهما في المخازن ينفذان أوامر «الحج» والحقيقة أنهما مسئولان عن تحقيق أغراضه الخبيثة، وليس من قبيل الصدفة أن يظهر أحدهما من ظهره ولا نرى وجهه، فهم لا يرغبون فى لفت الأنظار اليهم

هل إهانة العلم الوطني جريمة؟

أما موضع العجب فهو «بنداري».. وكل «بنداري» في مؤسسات الدولة يجب علينا أن نوقظه من غفلته التي تُمكن الفاسدين من تسخير مقدرات المؤسسة لخدمة مصالحهم ولو إقتضى الأمر تدميرها، وهو يعمل بجد دون جدوى، ويرى المؤسسة ترجع للوراء، دون أن يحرك ساكنًا، ويُبلغ الجهات الرقابية بمواضع الشك والريبة فى تصرفات «الحج» ورجاله، و«العار» الذى يجلبونه للمؤسسة وما يقع تحت يديه من مستندات تكشف تورطهم، فى وقتٍ أعلن فيه رَئيسُ الدولة أنه لا مجال للتسترِ على فاسد، وأن التستر على الفساد.. «فساد»، فهل ينتبه «بنداري» من غفلته أم يستمر فى التستر على «الحج» ؟.. وللحديث بقية

 

الجريدة الرسمية