رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

احترم نفسك.. أنت تستحق!


أتعجب كثيرًا من أفعال أشخاص كثيرة أصبحت الحياة بالنسبة لهم مادية بالمعني الحرفي للكلمة، وعندما نتحدث عن مفهوم كلمة مادية، فهو شامل لكل الطرق التي يسير فيها الإنسان يلهث خلف المال أو المنصب أو السلطة أو الشهرة، وفي هذا الطريق يفقد الكثير من النعم التي لا يمكن تعويضها في أي وقت آخر..


فإذا انشغل الأب بجمع الأموال لأبنائه عن الاستمتاع معهم بطفولتهم، واندماجه معهم في نشأتهم وفرحهم ولهوهم ودراستهم، فقد معني لن يستطيع تعويضه عندما يكبر أولاده، حتى إن جمع لهم مال الدنيا، وإن تنازل الإنسان عن كرامته وعن عقله وعن مبادئه حفاظًا على منصب أو وصولًا إلى سلطة، فلن يستطيع أن يمحو أثر احتقار الكريم من الناس له، ولن يشفع له منصبه في جلب احترام بعد تركه!

إذًا يا سادة الأمر جد خطير، ولقد عاصرت على مدي عقدين ونصف من عمري شخصيات، أستطيع أن أسطر في كل منها كتابا يجسد المعني الحرفي لمفهوم الحياة المادية، وما تبعها من مصائب حقيقية على كل المستويات، وغيرهم في قائمة الانتظار بعد ترك مناصبهم والانتباه لمصائرهم!

حتى لا نُحمل كلماتي إسقاط على أحد، سأذكر لكم واقع يعلمه الجميع عن ستيفن بول جوبز (ستيف جوبز)، مؤسس شركة آبل الأمريكية العملاقة، والذي توفي عن عمر يناهز ٥٦ عامًا، بعد إصابته بسرطان البنكرياس، كتب هذا الرجل وهو على فراش المرض على الرغم أنه كان من أشهر وأغني أغنياء العالم يقول:

“حياتي هي جوهر النجاح في عيون الناس، ولكن بصرف النظر عن نجاحي في العمل، لدى القليل من الفرح في حياتي، الثروة هي مجرد حقيقة اعتدت عليها، ولكن الحقيقة الجديدة في هذه اللحظة أني على سرير المرض، الآن أدرك أن كل ما لدى من ثروة وشهرة بلا معنى في مواجهة الموت الوشيك. الآن فقط أدركت أنه بإمكاني استئجار شخص ما لقيادة سيارتي، وأخر يعمل من أجل كسب المال لشركتي، ولكن لا يمكنني استئجار شخص ما لحمل المرض عني”!

إن خلاصة ما قاله "ستيف جوبز" هي: “يمكن للمرء أن يجد في حياته كافة الأشياء المادية، ولكن هناك شيئا واحدا لا يمكن العثور عليه، عندما يتم فقده إنه "الحياة" والحياة لا نفقدها بالموت فقط، ولكن بأن نصبح عبيدا للمادة، ونحيا من أجلها، وعندما يصبح الإنسان عبدا للمادة، فقد حياته”!

أنت تستحق أن تعامل نفسك بشكل فريد وتعتز بنفسك وإنسانيتك، فكلما تقدمنا في السن أصبحنا أكثر وعيا وندما على كل شيء لا يعوض فقدناه في حياتنا، ولكننا دائما ندرك ببطء وغالبا بعد فوات الأوان، فالساعة التي تبلغ قيمتها ١٠٠ ألف جنيه والساعة التي تبلغ قيمتها ١٠٠ جنيه كلاهما يعطينا نفس الوقت، وسواء كنا نقود سيارة بقيمة ١٠٠ ألف جنيه أو سيارة بقيمة مليون جنيه، فالطريق والمسافة سيان، نصل بهما إلى نفس الوجهة وبعدها ننسي أي رفاهية أو معاناة أثناء الرحلة، بل قد تكون بعض المعاناة ذكريات نترحم عليها!

لا تأتي سعادتك الداخلية من الأشياء المادية في هذا العالم، سواء كنت تسافر من الدرجة الأولى أو الدرجة الاقتصادية، إذا تحطمت الطائرة، حتما ستموت. السعادة قد تتحقق في أشياء بسيطة، صديق قريب دون مصالح تتحدث معه في أي وقت، موقف وضعت فيه كرامتك فوق كل اعتبار، أبناء ضحيت بطموحات شخصية مادية من أجل مستقبلهم، رسالة هادفة سعيت لغرسها في المجتمع، علم ينتفع به، خلقا يحتذي به، فهذه هي السعادة الحقيقية!

أنت تستحق السعادة وعليك إن أردت السعادة في الحياة أن تبدأ بأبنائك، لا تعلم أطفالك أن يكونوا أغنياء، علمهم أن يكونوا سعداء، فإذا أصبحوا شبابا اهتموا بقيمة الأشياء وليس بسعرها، علمهم الكرامة والشرف، لتحميهم من شر النفاق والتملق، علمهم قيمة العلم وشر الجهل، علمهم أن من يسعي خلف المناصب فهو غير جدير بها ومن يتمسك بها ويتنازل من أجل الحفاظ عليها فهو أرخص من أن يكون إنسان، علمهم الفرق بين الإنسان والإنسانية، علمهم أن رضا الله أهم من رضا الناس، علمهم أن من كان المال هدفه، فإن حاله قد مال، علمهم أن قيمة الإنسان في عقله وقلبه ولسانه ويده وشرفه!

وفي الختام، أيًا كانت المرحلة في الحياة التي نعيشها الآن، مع مرور الوقت، سنواجه اليوم الذي تنزل فيه الستارة لنحصد ما زرع كل منا، فاعلم أن الحب هو كنز الحياة، أزرع الحب لابوك وأمك أصحاب الفضل، الحب لعائلتك، الحب لزوجتك، الحب لابنائك، الحب لأصدقائك، الحب لنفسك، عامل نفسك جيدا، اعتز بها واحترم نفسك.. أنت تستحق!
Advertisements
الجريدة الرسمية