رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سطحية !


قرأت لأحدهم على مواقع التواصل الاجتماعى، بعد أن غرقت، مؤخرًا، فتاة في النيل، وانتحر شاب، تحذيرًا مما أسماه "ظاهرةَ انتحار الشباب"، مطالبًا بالبحث عن الأسباب، والبحث عن علاج لهذه الظاهرة !


وهنا يتعين علينا التوقف قليلًا لنبحث هل انتحار اثنين من الشباب، إذا اعتبرنا الفتاة انتحرت، في بلد يبلغ عدد سكانه مائة مليون نسمة، وعدد الشباب فيه يزيد على الثلثين، يمكن اعتباره ظاهرة ؟!.. وكيف نقفز إلى مثل هذا الاستنتاج بدون مقارنة أعداد المنتحرين من الشباب اليوم بالأمس ؟!.. ألا يعد ذلك نوعًا ممجوجًا من الاستخفاف، والسطحية في تناول أمور وشئون المجتمع ؟!

لكن للأسف، هذا هو حال كثير مما يتم تناوله على مواقع التواصل الاجتماعي.. وللأسف أكثر أن الأمر لا يقتصر فقط على مواطنين عاديين، ولكنه يشمل إعلاميين وصحفيين، المفترض أنهم تعلموا أن يتحققوا ويتأكدوا من صحة ما يكتبون ويذيعون ويقدمونه للقارئ والمشاهد، ويشمل أيضًا من ينتسبون للنخبة السياسية التي من المفترض أن لديها قدرة على قراءة الأحوال العامة في المجتمع.

ولذلك الأغلب أن ذلك يرجع سببه إلى أن هؤلاء حينما يتحدثون ويتحاورون على مواقع التواصل الاجتماعى لا يتخلون عن انحيازاتهم الأيديولوجية.. إنهم يشاهدون ما يحدث في المجتمع من وراء نظاراتهم المنحازة سلفا.. وإذا كان ذلك يمكن فهمه بالنسبة للنخب السياسية التي تنتمي لقوى علاقاتها ببعضها تقوم على التنافس السياسي، بل ربما الصراع السياسي، لكن لا يمكن فهمه أو قبوله للإعلاميين والصحفيين، المفترض منهم التحقق مما يتحدثون عنه أولًا.

نعم أعرف وأردد دومًا، منذ زمن بعيد، أنه لا يوجد في العالم كله إعلامٌ مستقلٌ وإعلامٌ محايدٌ، لأن كل إعلام يُعَبِّر عن مصالح أصحابه، لكن يمكن أن يتسلح الإعلامُ فقط بقدرٍ مناسبٍ من الموضوعية.. وهذا ما نفتقده الآن في إعلامنا وصحافتنا، ونفتقده بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك تطغى السطحية على نقاشاتها.
Advertisements
الجريدة الرسمية