رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"بكاميرا الأفلام الصورة تطلع حلوة".. حكاية الطبيب شادي مع النيجاتيف

فيتو

خلال فترة نهاية تسعينات القرن الماضي وحتى مطلع الألفية الأخيرة، كانت معظم الأسر المصرية تحوي فردا أو أكثر بها يهوى التصوير الفوتوغرافي، باستخدام كاميرا الفيلم "فوجي أو كانون" أو غير ذلك، كان يتم جمع الصور على الفيلم الجيلاتني، ومن ثم تحميضه في أحد المعامل المختصة، فنجد في ألبوم ذكريات العائلة، حفل زفاف أو عيد ميلاد أو ما شابه موثقا بواسطة "كاميرا الفيلم".


ولكن مع مرور السنوات وتعدد أنواع الكاميرات الديجيتال، اندثر استخدام كاميرا الأفلام التي يتم تحميضها، ومن ثم التحميض وفنونه أيضا، ولكن بالنسبة لـ"شادي عساف" طبيب الامتياز في مستشفى قصر العيني بالقاهرة، كان لديه رأي آخر، فأراد بشغف تولد عن طريق الصدفة، أن يعيد إحياء فن التصوير بـ "كاميرا الفيلم" وتحميض الصور وإخراجها في أفضل حالة لها.

Advertisements


في سن الثانية عشرة من عمره، بدأ تعلق شادي بالتصوير يتولد من خلال حبه وتعلقه بالرسم، أحب الجلوس بجوار من منهحم الله موهبة الرسم، لكنه لم يستطع أن يمارسها بيده، "أنا طول عمري بحب الرسم لكن مبعرفش أرسم، ولقيت إنه فيه طريقة ممكن الواحد يعمل بيها لوحة أو رسمة بدون ما يمتلك القدرة الفنية على الرسم، لقيتها في التصوير وتكوين صورة حلوة، فقعدت كذا سنة اشتغل بالموبايل كل مكان سافرته صورت فيه، أصور بورتريهات لأخويا، لحد ما دخلت الجامعة".


كانت البداية بهاتف محمول بدائي ومحدود الإمكانيات، فلم يترك شادي لحظة عائلية سواء في المنزل أو التجمعات العائلية في المصايف، إلا ووثقها بهاتفه الصغير، "كان معايا موبايل نوكيا، وبصور بيه مناظر طبيعية أهلي وقرايبي، بدأت اهتم بالإضاءة والكادرات وما إلى ذلك، جبت موبايلات أحدث وكنت بهتم فيها بالكاميرا أول وأهم شيء"، ومن هنا أدرك شادي أنه لابد له أن ينخرط في مجال التصوير الفوتوغرافي، لكنه من يطرأ على ذهنه للحظة أنه سيصبح من أهم محترفي التصوير بكاميرا الفيلم وتحميض الصور في "مركز الصورة المعاصرة" بحي وسط القاهرة، ليس هذا فحسب بل يحمل على عاتقه مهمة تعليم تحميض الأفلام لمن يهتمون من الشباب.


" بشتغل في مركز الصورة المعاصرة، بنروح مرة في الأسبوع نحمض أفلام، الكلام اتغير خلال السنتين إلى فاتوا، الناس مبقتش تهتم بتصوير الكاميرا الفيلم وتاخد الفيلم روح تحمضه عند كوداك أو أي مكان تحميض أفلام في مصر واللي غالبا بطلوا يحمضوا في الوقت الحالي، الناس بتستسهل استخدام الكاميرا الديجيتال في التصوير ثم طباعة الصورة بعد ذلك أو نشرها على فيس بوك أو إنستجرام". كان عليه أن يعيد الاهتمام بتحميض الأفلام مرة أخرى، وينقل حبه وتعلقه الشديدين لهذا النوع من التصوير إلى بعض المصورين الشباب. 
 


الصدفة كانت المحرك والدافع الأساسي ليتقن شادي فنون التصوير بواسطة كاميرا الفيلم، حينما تملكه الغضب ذات يوم في بداية تعرض الجنيه المصري لعملية تحرير سعره في نهاية عام 2016، ومن ثم ارتفع سعر الدولار الأمريكي، فلم يستطع أن يحقق الحلم الذي راوده خلال السنوات الأولى من دراسة الطب، "كان نفسي اشتري كاميرا ديجيتال وجيت اسأل لقيت أقل حاجة سعرها 10 آلاف جنيه، الدنيا أسودت في وشي، ومعرفتش أعمل إيه"، عاد إلى المنزل مسرعا، يعبث غير مبال بمقتنيات والده منذ كان في سن صغيرة فوجد في أحد الأدراج كاميرا فيلم قديمة، مازالت بها بعض الحياة لكنها كانت تحتاج لتغيير البطارية، "دخلت على النت ولقيت ناس بتستخدم الفيلم، عرفت يعني إيه فيلم بيشتغل إزاي الناس بتحبه ولا لا، واكتشفت إنه الناس بتحبه عن الديجيتال. بعدها أخدت الكاميرا ونزلت وسط البلد دورت على بطارية ليها في إحدى مكتبات وسط البلد، الكاميرا اشتغلت، بقيت ألف في استديوهات عنده أفلام لقيت واحد بس في مصر بيحمض، واشتريت فيلم بـ 25 جنيها".
 


تصادفت هذه الأحداث مع موعد سفر العائلة إلى مرسى علم بالغردقة، أحضر معه ثلاثة أفلام للتجريب والتعلم وتطبيق ما تم استيعابه من القنوات التي تابعها والمختصة بتعليم التصوير بكاميرا الفيلم وتحميض الأفلام، "قعدت أحرق في الأفلام وأجرب، كانت بتواجهني مشكلات في كادر أو اتنين ضمن الـ 36 صورة اللي بيتضمنهم الفيلم". 
 


"التشويق والإثارة وتوليد الشغف".. هذه الكلمات البسيطة كانت التوصيف الدقيق من وجهة نظر، شادي لعملية التصوير بكاميرا الأفلام وتحميضها، فأنت كمصور تلتقط الصورة ولا تعلم كيف سيكون شكلها النهائي، ربما تننظر عدة ساعات وربما يوم حتى ترى نتيجة ما صنعت أمام عينيك، " الشخص اللي ورا الكاميرا بيكون هو اللي حابب العملية أكثر، فيه متعة ما وحالة من التشويق أنا بعيشها وأنا بصور ومش عارف هتطلع إيه، خايف من إنه يطلع الصورة محروقة، لكن فيه حماس إنك تجتهد علشان النتيجة كويسة، أما الشخص اللي بيتم تصويره معاه إلى حد ما الصورة فيلم ولا ديجيتال، لأنه النتيجة ممكن تكون قريبة من بعض، يمكن الميزة في الفيلم إنه الألوان بتكون طبيعية أكتر". 
 


بعد انتهاء عملية التصوير كان شادي في بداية الأمر يذهب إلى معامل مثل كوداك وفوجي وغيرهما، إلا أنه في خلال الثلاث سنوات الماضية، اندثر سوق التحميض بصورة كبيرة وأصبح على شادي تحميض صوره بنفسه، وتعليم الآخرين كيف يخرجون بصورة جدية باستخدام كاميرا الفيلم محدودة الإمكانات، "أنا بكون محدد الفيلم اللي معايا أبيض وأسود ولا ألوان، بعد التصوير بحمض أنا بنفسي، طبعا هناك اختلاف بين تحميض الألوان والأبيض وأسود، وبعدين بعمل لها سكان مش طباعة وبنزلها على حسابي الشخصي على إنستجرام أو فيس بوك، بعد مرحلة التصوير بييجي مرحلتين، التحميض مدته كلها نصف ساعة، ويخرج الفيلم على قطعة الجيلاتينة البني اللي كلنا عارفينها وعليها الصور". 
 



التحميض محتاج جو مافيهوش ذرة نور خالص بنحط الفيلم في بكرة سوداء اسمها الريل أو بكرة بيضاء اللون يوضع بها الفيلم، والريل بيدخل العمود، والعمود بالريل بيوضع في تانك يمنع دخول الضوء لكن بيسمح بدخول وخروج المواد الكيماوية اللي هنحمض بيها، واللي بتكون محدد لها درجة حرارة ما، وبعدين بنسيبه ينشف على حبل عادي لمدة عشر دقايق.
 


أنا قررت اعمل كورسات في مركز الصورة المعاصرة للشباب إزاي يحمضوا فيلم لو معاهم كاميرا فيلم، حبيت يكون عند كل شاب مهتم بالتصوير الفيلم القديم يطلع صورته بنفسه ويحمضها، وحتى مصوري السينما أو الديجيتال حابين تصوير الفيلم الخام أو الفيلم القديم بطريقته القديمة، يمكن الموضوع مكلف لأنه الأفلام بقت تيجي من برة بـ 100 و250 من برة بجانب طبعا مواد التحميض الكميائية.

Advertisements
الجريدة الرسمية