رئيس التحرير
عصام كامل

الزمالة والشروع في القتل


"الزمالة" هي شهادة التخصص الطبى في النظام البريطانى، وبرنامج "الزمالة" هو برنامج تدريبى لعدد من السنوات يختلف باختلاف التخصص أقلها ٣ سنوات بعد التخرج لطب الأسرة واقصاها ٧ سنوات للجراحات الدقيقة في بعض الدول.


البرنامج التدريبى هو عدد محدد من المهارات الطبية التي يجب أن يؤديها الطبيب في التخصص على يد أخصائى أو مدرب في التخصص، وبعد إتمام أداء البرنامج يصبح الطبيب جاهزا لخوض امتحان التخصص. "الزمالة" في أي بلد تدار من هيئة مستقلة حتى لا يحدث تلاعب ببرامج التدريب تحت أي ضغوط أو مؤثرات، لأن هذا يعنى تعرض حياة المرضى لخطورة بالغة، وقد تكون قاتلة.

أجهزة "الزمالة" عادة ما تكون ثلاثة: جهاز مسئول عن الاعتماد والرقابة، وجهاز مسئول عن التدريب، وجهاز مسئول عن الإمتحانات.

أهم أجهزة الزمالة هو جهاز الاعتماد والرقابة، لاعتماد الأقسام الصالحة للتدريب تبعا لتوافر أعداد المرضى المطلوبة لاستيفاء اشتراطات البرنامج التدريبى، والأجهزة والمستلزمات المطلوبة لتعلم المهارات الطبية، ومع الاعتماد يتم تحديد العدد الأقصى المسموح من المتدربين لتحقق البرنامج التدريبى.

ثم تأتى مرحلة اعتماد المدربين من المؤهلين والذين يتم إعدادهم للتدريب في أماكن عملهم، ثم يأتى الدور الرقابى وهو أهم الأدوار، حيث يتم عمل زيارات مفاجئة على مدار الساعة للتأكد من تنفيذ البرنامج التدريبى.

الزمالة المصرية تدرب ما يقارب ١٠ آلاف طبيب من ٥ دفعات على الأقل، وتستقبل سنويا ما يقارب ألفي طبيب جديد. لم نسمع عن أي خطة أو دراسة لزيادة القدرة الاستيعابية للزمالة لتستقبل كافة الخريجين، وعددهم يقترب من عشرة آلاف، أي تحتاج الزمالة لما يقارب اربعين ألف مكان إضافي لتستوعب أعداد الخريجين، دون اعتبار خطة زيادة أعداد الخريجين.

لم نسمع عن أي اعتماد لأقسام جديدة تصلح لإتمام البرامج التدريبية، ومن المستحيل في المدى القريب التوسع في الزمالة إلى هذا الحد بعد ما رأيت في زياراتى لكافة مستشفيات مصر الشهر الماضى وما شاهدته من النقص الكبير في أعداد الأطباء.

لم نسمع عن أي دراسة جدوى عن التكلفة المتوقعة للتوسع في برنامج الزمالة لخمسة اضعاف قدرته الاستيعابية، وسبل تغطية تلك التكلفة والجدول الزمنى المتوقع لذلك.

فقط فوجئنا بإعلان غريب عن تغيير نظام التكليف المحدد قانونا وتوزيع الخريجين الجدد على المستشفيات، دون التأكد من وجود من يعلمهم ويحميهم ويحمى مرضاهم من مخاطر مزاولة المهنة.

إن وجود الخريج في الوحدة الصحية دون تدريب أو إشراف يعنى مخاطر خطأ التشخيص وتأخر الشفاء، ووجود الخريج الجديد في مستشفى في وحدة استقبال الطوارئ أو رعاية مركزة أو غرفة عمليات دون التأكد من وجود إشراف يعنى شروع في قتل المرضى وتدمير لمستقبل هؤلاء الشباب.

سد العجز في أعداد الأطباء في المستشفيات المركزية وبعض المستشفيات العامة لا يكون بتوزيع أطباء جدد دون إشراف أو حماية، والزمالة والتعليم الطبى أبرياء من كل تلك الإجراءات التي تتم دون تخطيط أو دراسة، أو إعداد، لادعاء حل مشكلة نقص الأطباء ولو على حساب حياة المرضى والأطباء.

حل مشكلة نقص أعداد الأطباء حله معروف وهو التعاقد بأجور عادلة وساعات عمل آدمية، ومنع الاعتداءات وحل مشكلة المسئولية الطبية.
الجريدة الرسمية