رئيس التحرير
عصام كامل

تل أبيب وإسطنبول.. «وجهان لعملة واحدة».. كلاهما لديه مطامع استعمارية ورغبة في الاستحواذ على الشرق الأوسط.. الكيان الصهيوني يستغل تركيا لتحقيق مصالحه.. وحكم فيدرالي للأكراد الهدف

الجيشين التركي و
الجيشين التركي و الإسرائيلى _ ارشيفية

لا تختلف تركيا كثيرًا عن دولة الاحتلال، فكل منهما لديه أحلام توسعية وأطماع استعمارية، ورغبة في الاستحواذ على الشرق الأوسط، فتركيا التي تحتل لواء إسكندرونة السوري منذ عشرات السنين، تواصل تحقيق أطماعها بالاتجاه نحو احتلال أرض عربية بشكل لا يقل وطأة عن خطوات الاحتلال لفلسطين، لذا فإن المصالح والأهداف بين كل من تركيا والاحتلال الصهيوني واحدة، وهذا يبرر الصمت الإسرائيلي إزاء ما تقوم به تركيا حاليًا في شمال سوريا.


عملية مباركة
إنها عملية مباركة من الجميع، سواء من واشنطن التي مهدت الطريق قبل العملية التركية بسحب قواتها من المنطقة، أو النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وبالتالي روسيا التي تدعم ما يريده الأسد، وبالطبع إسرائيل التي تحقق لها تلك الضربة ضمان تواجدها في سوريا.

ورغم أن بعض التقارير العبرية استنكرت الخطوة التركية إلا أنها ليست سوى تنديد إعلامي موجه من المنظومة الأمنية في إسرائيل، وتحمل في طياتها نوايا خبيثة كالتي هاجمت تركيا، وفي الوقت نفسه بثت السم في العسل، وقالت إن الوضع يحتاج تدخلا من إسرائيل، في إشارة إلى تعميق الوجود الإسرائيلي في سوريا، ليتزامن مع الوجود التركي لتحقيق المصالح المشتركة للطرفين، وبأسلوب العصا والجزرة خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ليندد بالعملية، ويقول إنه سيبذل قصارى جهده لتوفير الدعم للشعب الكردي الذي وصفه بالشجاع، أما من الجانب الآخر فقد أصدرت الجالية اليهودية في تركيا بيانًا تعرب فيه عن مباركتها للعملية التركية ولخطوات أردوغان وتصف الجيش التركي بأنه جيش وطني يحارب ما أسمته بالإرهاب.

حكم فيدرالي
في نهاية المطاف ستحاول كل الأطراف الطامعة في سوريا، وعلى رأسها إسرائيل تحويل تلك المنطقة لحكم فيدرالى للأكراد، في إطار خطة تقسيم سوريا التي تستفيد منها إسرائيل في المقام الأول، علاوة على ذلك فإن فرار عناصر داعش يمنح لهم الفرصة في توجيه ضربات في كل أرجاء سوريا، بذريعة ملاحقة عناصر داعش، كما أن تلك الضربات تستهدف التواجد الإيراني وحزب الله في سوريا، وهذا يفتح المجال أكبر لإسرائيل في سوريا، وربما بالاتفاق مع الأتراك أنفسهم.

مصالح أردوغان
أردوغان أيضًا له مصالح وبحسب التقارير العبرية فهو يريد أن يكون شرطي المنطقة، وتحقيق هيمنة تركية في شمال الشرق الأوسط، وكذلك تحقيق إنجاز يضاهي الثقل الموازن لمحور مصر ودول الخليج، وهذا هو الدافع وراء تعزيز أردوغان لعلاقاته مع كل من يهمه الأمر مع إيران، رغم مواجهتها مع الولايات المتحدة والعقوبات المفروضة ضدها مع روسيا، التي تسيطر بشكل أساسي على نظام الأسد.

وبدوره، الكاتب الإسرائيلي تسور شيزف، قال: إن العملية التركية في سوريا انطلقت تحت إشراف إدارة ترامب بهدف واضح: لتحرير آلاف من عناصر داعش، والقضاء على الهيمنة الكردية في المنطقة السورية، لذا يجب على إسرائيل ألا تجلس مكتوفة الأيدي.

وأضاف أن هذه خطة تركية قديمة، أصبحت ممكنة بسبب دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتساءل أين نقف من كل هذا؟ الأتراك، مثل الإيرانيين، هم قوة صاعدة، ولديها أقوى جيش في أوروبا باستثناء روسيا، وهم يقتربون من الحدود الإسرائيلية، وإذا كان التهديد الإيراني غير كاف، فإن التهديد التركي ينضم إليه الآن، وهذه دلالات على الرغبة الإسرائيلية في تعزيز التدخل الصهيوني في سوريا بحجة الأتراك، رغم وجود مصالح مشتركة بينهما، لأن التعاون الإسرائيلي التركي يعتبر أهم من الخلافات العابرة، وتريد إسرائيل استمرار الفوضى في سوريا، ولا يمكن استبعاد أن الانسحاب الأمريكي جرى بترتيب مسبق ما بين أمريكا وروسيا وإسرائيل، رغم ادعاء الأخيرة أن الانسحاب الأمريكي كان بمثابة مفاجأة لها.

ومن بين السيناريوهات المطروحة هو أن تطلق إسرائيل وتركيا قناة للحوار الإستراتيجي والسياسي بشأن سوريا سيعود على البلدين بمنافع كثيرة، كما أن تلك الأوضاع في سوريا ستوفر فرصة لإسرائيل وتركيا للاعتراف بتلاقٍ جديد للمصالح، علمًا بأن إسرائيل وتركيا يتشارك كل منهما الحدود مع سوريا، ولهما مصالح إستراتيجية مشتركة، فضلًا عن وجود تحالف تاريخي بين الجانبين منذ تسعينيات القرن الماضي، ومن أجل تلك المصالح المشتركة قدم رئيس وزراء الاحتلال في السابق اعتذاره لتركيا على حادث سفينة مرمرة، ومن ناحية إسرائيل فهي تهتم بمحفزات الصراع في جنوب سوريا، أما تركيا فمهتمة بمستقبل شمال سوريا، وفي النهاية تلتقي مصالحهما المشتركة داخل الساحة السورية، ولكل منهما مصلحة مشتركة في الحد من النفوذ الإيراني في سوريا.

من جانبها، قالت الكاتبة الإسرائيلية، شمريت مئير: إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضغط على إدارة دونالد ترامب، وحصل على موافقتها بشأن سحب القوات الأمريكية، والتخلي في الواقع عن حلفائهم الأكراد وتركهم لمصيرهم، ولم يضيع الوقت، وبدأ على الفور عملية عسكرية في شمال سوريا، وتساءلت ماذا يريد أردوغان؟

موضحة أنه يريد ضرب الأكراد عسكريًا، ولكن أيضًا -في نفس الوقت- إنشاء "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، ما يسمح بإعادة توطين نحو أربعة ملايين لاجئ سوري موجودين في تركيا ويعيقون اقتصادها بشدة.
الجريدة الرسمية