رئيس التحرير
عصام كامل

معركة سد النهضة (٤)


لمصر علاقات دولية مضطردة ونامية مع العديد من دول العالم المؤثرة، نتيجة انتهاج سياسة خارجية متوازنة وذكية تعتمد قاعدة المصالح المشتركة للتعاون مع الجميع، بما فيها إثيوبيا ذاتها التي مددنا أيدينا لها بصدق وحسن النوايا للتعاون معها في شتى المجالات، وعلى رأسها مجال الاستفادة من خيرات نهر النيل، واستعدادنا للمساعدة بما لدينا من خبرات في مجال المياه..


ولعل ذلك هو الذي دفعنا في التسعينيات (فبراير ١٩٩٩) لتوقيع مبادرة حوض النيل، التي اقترحناها مع السودان وأوغندا وإثيوبيا وتنزانيا والكونغو الديمقراطية وبورندي ورواندا وكينيا واريتريا لتدعيم أواصر التعاون فيما بين دول حوض نهر النيل.

ولا شك أننا سوف يكون في مقدورنا استثمار علاقاتنا الطيبة التي نجحنا في نسجها مع العديد من دول العالم المهمة، وفى مقدمتها أمريكا وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وإيطاليا في طرح قضية سد النهضة في المستوى الدولى.. بل يمكننا أن مؤشرات ذلك ظهرت بالفعل في إعلان البيت الأبيض الامريكى منذ أيام حول سد النهضة الاثيوبى ومفاوضاته بيننا وإثيوبيا والسودان، وهو الإعلان الذي اهتم بعد الترحيب باستئناف المفاوضات على التأكيد على أهمية المنفعة المشتركة بين الدول الثلاث، وعدم الإضرار بالحقوق المائية وهكذا..

لا داعى للفزع والجزع والخوف ونحن ندخل مرحلة جديدة صعبة في معركة سد النهضة.. فنحن لا ندخل هذه المعركة منزوعى السلاح، بل لدينا العديد من الأسلحة التي تحتاج إلى تفعيل.. ولا نعول فقط على أن يتحلى الجانب الاثيوبى بحسن النوايا، بل نتحسب لكل الاحتمالات ومن بينها أيضا إخفاق الوساطات الدولية كما أخفقت المفاوضات المباشرة، أو تمسك إثيوبيا ومعها السودان برفض الوساطات الدولية، والاستمرار في عملية استهلاك الوقت..

وأيضًا لدينا إدراك واضح، على المستوى الرسمى والشعبي بأن قضية مياه نهر النيل هي قضية أكبر من قضية أمن قومى، وإنما هي قضية بقاء وحياة لنا.. ولذلك سوف نخوض هذه المرحلة الجديدة أكثر تماسكا وأشد وحدة، وهو أمر شديد الأهمية ويمنحنا الكثير من القوة، هذا بعد تجاهل واستبعاد الرعونة والخفية وعدم المسئولية التي يتناول بها البعض هذه القضية على مواقع التواصل الاجتماعى.
الجريدة الرسمية