رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد أبو السعد: أحداث البورصة الأخيرة "عارضة".. ويجب بحث أسباب عدم استجابتها للمحفزات الإيجابية

فيتو

  • >> يجب استغلال اهتمام الحكومة بسوق المال لتحقيق طفرات اقتصادية
  • >> مطلوب تشكيل هيئة أو لجنة للترويج للاستثمار في البورصة
  • >> وضع مصر أصبح مستقرا بتحويلات المصريين التي وصلت إلى 27 مليار دولار
  • >> مصر استعادت ثقة المستثمرين الأجانب ولو بصورة وقتية
  • >> استحداث أدوات مالية جديدة سيضيف للسوق و"الشورت سيلنج" سيكون له مردود قوي

خلال ثلاث جلسات متتالية، تعرضت البورصة المصرية، الأسبوع الماضى، لهزة عنيفة، تمثلت في موجة خسائر عنيفة، بلغت 66 مليار جنيه، بواقع 36 مليارًا الأحد الماضى، و8 مليارات في اليوم التالى، و22 مليارًا بختام جلسة الثلاثاء، ما أثار قلق خبراء سوق المال، وقطاع كبير من المضاربين، الذين طالبوا بحزمة قرارات وتدابير عاجلة؛ لإنقاذ البورصة من موجات أخرى محتملة، رغم بدئها في التعافى تدريجيًا في آخر جلسات الأسبوع المنقضى.

متى تخسر البورصة، ومتى تتعافى، وهل هناك أسباب داخلية أو خارجية تتسبب في خسائرها، وما تداعيات ذلك على الاقتصاد المحلى، وما هي الأطراف التي تعبث بالبورصة وتتسبب في مثل هذه الخسارة، وما الإجراءات الوقائية التي يجب على الحكومة اتخاذها لتجنب سيناريوهات مشابهة في قادم الأيام؟

"فيتو" حاورت أحمد أبو السعد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، الذي أكد إن ماحدث من أزمات بتعاملات الأسبوع الماضى وفقدان المؤشر الرئيسى للبورصة نحو 66 مليار جنيه خلال ثلاثة أيام بـأنه "حدث عارض" بسبب مخاوف المستثمرين، مشددا في الوقت نفسه على أنه يجب البحث عن أسباب عدم استجابة البورصة للمحفزات الإيجابية على عكس المتعارف عليه في عالم المال والأعمال.

"أبو السعد" أكد خلال حوار مع "فيتو" أن الشائعات تلعب دورا كبيرا في التأثير على عمليات التداول في البورصة، مشيرا إلى أنه لتحقيق صعود حقيقي للمؤشرات وتحقيق أرباح فلابد من التسريع في تطبيق الآليات الجديدة وتشكيل هيئة أو لجنة للترويج للاستثمار في البورصة وإعداد السوق المحلى لطفرة حقيقية في السوق.. وإلى نص الحوار:

*كيف ترى أزمة البورصة بتعاملات الأسبوع وفقدانها 66 مليار جنيه خلال يومين؟
ما حدث في بداية تعاملات الأسبوع الماضى ما هو إلا نتيجة لمخاوف المستثمرين الأفراد، ولا أحد ينكر أن مصر مرت بمشكلات اقتصادية كبيرة حتى تعويم سعر الصرف ورفع الدعم والاتفاقيات مع صندوق النقد الدولى وهى إصلاحات كانت قاسية، ولكن معدل النمو خلال 3 سنوات وصل إلى 5.5%، وهبط معدل البطالة، ومعدل التضخم وصل إلى 8.5%، بالإضافة إلى أن وضع مصر أصبح مستقرا بتحويلات المصريين التي وصلت إلى 27 مليار دولار، كل ذلك إنجاز، كان لذلك عواقب اجتماعية قاسية، أخيرا مصر استعادت ثقة المستثمرين الأجانب ولوبصورة وقتية، حيث وصلت استثمارات الأجانب إلى 20 مليار دولار في أدوات الدين، ولكن البورصة كان عليها ضغوط بسبب أزمات جلوبال تليكوم.

والبورصة تعرضت لأزمة بسبب ذاكرة المستثمرين وما تعرضوا له في 2011، و2013 و2014، ولكن يمكن القول إن أداء الشركات سيتحسن مع تحسن الاقتصاد وتحسن القدرة الاستهلاكية للمواطن المصرى، وأعتقد أننا لن نخسر الثقة في البورصة من خلال تكاتف المسئولين لإدارة الأزمات ومنع الشائعات والحد من الأزمات. 

وفى الحقيقة نحن نؤمن دائما بأن البورصة هي المرآة التي تعكس أي إصلاح اقتصادى وهى المؤشر الذي ترفع من خلاله رءوس الأموال من خلال السندات وهى أداة من أدوات التمويل المهمة للغاية، ولكننا في الآونة الأخيرة وجدنا أنه بالتزامن مع خطوات الإصلاح الاقتصادى التي أشادت بها كافة المؤسسات الدولية، كان هناك وخلال الشهور الأخيرة تراجعا كبيرا في أحجام وقيم التداول اليومى في البورصة المصرية، كما أنها لم تستجب للمحفزات الإيجابية على عكس المتعارف عليه، وبالتالى علينا أن نبحث عن أسباب تلك الأزمات ومعالجتها، فنحن إذا أردنا صعودا حقيقيا للمؤشرات وتحقيق أرباح لابد من التسريع في تطبيق الآليات الجديدة وتشكيل هيئة أو لجنة للترويج للاستثمار في البورصة وإعداد السوق المحلى لطفرة حقيقية في السوق فنحن نحتاج صعودا للمؤشرات مبنيا على أساسيات قوية وانعكاس حقيقي للإصلاحات الاقتصادية والتشريعية الجارية في مصر الآن، ولابد من ثورة حقيقية في تطبيق الآليات وتحفيز الطلب والعرض.

*هل ما زالت البورصة مرآة الاقتصاد؟
البورصة المصرية إذا عادت لتكون مرآة للاقتصاد فقد نجحنا في إصلاح المنظومة، فالبورصة تعكس أداء الشركات والسياسات الاستثمارية حيث تساهم في إيجاد حلول تمويلية للشركات التي لها استثمارات جديدة، وتعمل على تعزيز رأس المال، وهى أداة تمويلية بالمقارنة بالقروض البنكية، فهى تدعم عمليات النمو وتضيف للناتج المحلى الإجمالي ومن المفترض أن يكون لها دور أكبر من دورها الحالي خاصة مع تطبيق سياسات الشمول المالى.

ومن خلال سوق المال يمكن تمويل المشروعات ومن خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي يمكن للبورصة المصرية الاستفادة من تعزيز الشمول المالى خاصة وهى أحد الأنشطة الاستثمارية، الأمر الذي قد يرفع من قاعدة العملاء بما يوسع من قاعدة الملكية وإيجاد التمويل اللازم للشركات المدرجة لتحقيق الهدف الأساسى من وجود البورصة ودعمها للاقتصاد القومى.

*هل السوق سيستجيب لاستحداث أدوات مالية جديدة كصانع السوق و"الشورت سيلنج"؟
استحداث أدوات مالية جديدة سيضيف للسوق، بشرط أن يكون السوق بحالة جيدة وأن تكون الشركات في وضعية وبحالة جيدة، وهو ما قد يتحقق خلال الفترة المقبلة مع اهتمام الحكومة والقيادة السياسية بحل أزمات البورصة وإزالة العراقيل التي وضعت أمامها بسبب الروتين والسياسات الخاطئة، ومن المؤكد أن تنويع الأدوات المالية الجديدة سيزيد من التنوع الاستثمارى ويساعد في إنعاش السوق.

وبوجه عام فإن تنوع آليات التداول هو بمثابة خطوة للأمام بالنسبة للبورصة المصرية، فاقتصار السوق على آلية الشراء ثم البيع فقط يحد بشكل كبير من الفرص الاستثمارية التي قد تتيحها أسواق أخرى ومنها أسواق محيطة بنا، فلم يكن من المعقول أن البورصة المصرية لا يوجد بها آلية البيع الأجل أو العقود المستقبلية أو عقود الخيار، كذلك فإن استحداث آلية صانع السوق أو الشورت سيلنج سيكون لهما مردود قوي على السوق بشكل عام مع تحسن مناخ التداول وعودة السيولة للسوق.

وأعتقد أن الجهة التشريعية والرقابية استعانت بتجارب الدول الأخرى وكذلك ما يتعلق بصانع السوق، بحيث نبدأ من حيث انتهى الآخرون، بعيدا عن التطبيق الأكاديمي النظري لتلك الآليات بما يسهل من إجراءات التداول والاستفادة من الآليات الجديدة.

*هل إصرار الحكومة على حل أزمات سوق المال الأخيرة إيجابي؟
بالفعل انتباه الحكومة للمخاطر المحيطة بسوق المال بعد تراجع أحجام التداول لمستويات متدنية خطوة إيجابية يجب استغلالها من جانب مسئولى سوق المال، كذلك لابد أن أشيد بالتعديلات التي تجريها هيئة الرقابة المالية بشكل دوري فهى ضرورة حتمية لمواكبة السوق للمستجدات على الساحة المحلية والدولية والإقليمية، وهى ليست جديدة فأسواق المال العالمية دائما في تطور مستمر وهو ما يعنى ضرورة أن يكون لدينا كل ما هو جديد من أنظمة تداول وآليات ولدينا أيضا ما يضمن جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية بشكل مغر لهولاء.

واعتقد أن انتباه الحكومة ورغبتها في حل أزمات البورصة يمكن أن تكون نقلة نوعية إيجابية إذا ما تم استغلالها جيدا.


*كيف ينجح برنامج الطروحات في البورصة؟ وهل تأخرنا في عمليات الطرح؟
أعتقد أن تصريحات وزير قطاع الأعمال بشأن استئناف الطروحات ولو جزئيا بطرح أبو قير للأسمدة أو الإسكندرية للحاويات شيء إيجابى رغم ما يحيط بنا من مخاطر أو شائعات قد تتأثر بها البورصة سريعا، ولكنها رسالة إيجابية وتحد لكل من يسعى لهدم ما نجحنا في بنائه.

وأدعو وزراء المجموعة الاقتصادية كل في اختصاصه إلى الترويج من جانبه لعمليات الطرح المنتظرة واستغلال سفاراتنا في الخارج والملحقين التجاريين ومنظمات الأعمال المشتركة للترويج عن عمليات الطرح في البورصة.

وعلى الرغم من تأخرنا في برنامج الطروحات إلا أننى أرى أنه لازالت الفرصة سانحة، خاصة إذا ما واصل البنك المركزي المصري سياساته بتخفيض سعر الفائدة والتي تجعل من السوق جاذبا للاستثمار بشكل كبير، ولذلك لابد من طرح أفضل الشركات في البورصة ولتكن شركات غير مقيدة أولا لإنعاش السوق وفتح شهية المستثمرين الأجانب والمصريين للاستثمار والشراء بكثرة، ثم بعد ذلك يتم طرح نسب من الشركات المستهدفة تباعا.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".
الجريدة الرسمية