رئيس التحرير
عصام كامل

صناعة الكراهية!


مواجهة خطاب الكراهية كان هو عنوان وموضوع المؤتمر الذي نظمه بالإسكندرية منتدى حوار الثقافات، الذي ترعاه الهيئة القبطية الإنجيلية.. وعلى مدى يومين انخرط المشاركون في التنبيه إلى خطورة خطاب الكراهية، لأنه يحرض على العنف وممارسة الاٍرهاب ويهدد استقرار المجتمعات، ويقوض أركان العيش المشترك داخلها، وينشر فيها الصراعات والصدامات، ويضعف الدول ويقوض كياناتها.


وفى الجلسة الختامية المؤتمر قلت إن الكراهية التي نشكو ونحذر منها ليست مجرد خطاب، وإنما صارت الآن صناعة.. نحن أمام صناعة معتمدة للكراهية في العالم، تتم بشكل مخطط وممنهج، ولها ممولوها.. ولها أيضا منفذوها، وكذلك لها المتسترون عليها والذين يروّجون لها، ويوفرون حماية وغطاء سياسي لمن يشتركون فيها، ويقدمون لمنفذيها ما يحتاجونه من مساعدات لوجستية.

وقد بدأت هذه الصناعة في العصر الحديث باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حينما استخدمت الدين في محاربة القوة العظمى الثانية التي تمخضت عنها نتائج الحرب، وسعت إلى تجنيد دول عربية في هذه الحرب، ونجحت في سعيها هذا.

وصناعة الكراهية بهذا المعنى ليست فقط مشكلة مصرية، ولكنها بدأت ومازالت تعد مشكلة عالمية.. ولذلك حينما نتحدث عن صناعة الكراهية يتعين ألا ننسى أو نتجاهل مسئولية الأنظمة السياسية، التي تبدأ بتُبنى هذه الصناعة أحيانا، وهذا ما نجده في تورط حكام وقادة في هذه الصناعة الكريهة، ولا تنتهى بالتقاعس في مواجهة هذه الصناعة، والتصدى لمن يبثون الكراهية في المجتمع.

ولذلك مواجهة خطاب الكراهية في المجتمع لا يحتاج لمجرد خطاب مواجه للكراهية، أو خطاب للترويج للحب ونشر القيم الإيجابية، قيم المواطنة والمساواة والتسامح والعيش المشترك، وإنما يحتاج أولا تصفية صناعة الكراهية بالتصدي لمخططيها والمشاركين فيها ومموليها.
الجريدة الرسمية