رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى أمين يكتب: لست وحدك

مصطفى أمين
مصطفى أمين

في جريدة الأخبار وفى عموده "فكرة " عام 1976 كتب الكاتب الصحفى مصطفى أمين مقالا قال فيه:

كل واحد منا بمفرده لا يستطيع أن يعيش وحده في الحياة، فهو لا يستطيع أن يفعل شيئا مهما كان قادرا أو عالما أو صاحب مركز كبير.لابد أن يكون حولك أصدقاء تعتمد عليهم ويثقون بك.


فأنت لست في حاجة إلى ظرزان يحميك وإنما أنت في حاجة إلى من تسأله النصيحة فيصدقك، من تصارحه بمتاعبك، من يمكنك أن تبكى على كتفيه.

فأنت في الدنيا أشبه بمن يسير وحده في الظلام..تحتاج إلى إنسان يؤنس وحدتك فأنت تشعر بالخوف وأنت تسير في الظلام وحدك، وتشعر باطمئنان ومعك إنسان، وكلما زاد عدد السائرين معك تضاعف اطمئنانك ونخطئ إذا تصورنا أن مهمة الصديق أن يحمل معك همومك بلا مقابل..فلابد أن تعطى لتأخذ، لابد أن تحمل همومه ليحمل همومك، لابد أن تدافع عنه في غيبته ليتلقى هو السهام دفاعا عنك.

أما أن تطلب من الناس أن يصمدوا معك وتتخلى عنهم، أو يرفعوك على رؤوسهم فتدوسهم بالأقدام..فلن تجد في محنتك إلا من صنعت..إذا كنت صنعت الرجال فستجد الرجال، وإذا كنت فكرت في نفسك فقط وفى مصلحتك فقط فلن تجد حولك إلا الفئران.

ولن تجد ناجحا واحدا وصل إلى القمة بغير أن يستند إلى صديق أو زوجة محبة أو حب إنسان، كل واحد منا مدين في حياته إلى أشخاص معروفين ومجهولين مدوا له يدهم عندما وقع على الأرض، أضاءوا له شمعة عندما احتواه الظلام، قالوا له كلمة حلوة ومطارق الحياة تنهال على رأسه أعطوه ابتسامة عطف والدنيا تكشر عن أنيابها في وجهه.

أنا لو جلست وكتبت قائمة بأسماء الذين ساعدونى في حياتى لاحتجت الصفحات، وفى بعض الأحيان أشعر بأن هذه الديون تثقل كاهلي وأحاول أن أسددها بالتقسيط لأشخاص لا أعرفهم متمنيا أن أرد بذلك بعض الجميل للذين غمرونى بجميلهم.

إننى مثلا أذكر أساتذتى الذين علمونى في مراحل حياتى، أذكر زملائى الذين خاضوا معى المعارك وصمدوا للعواصف، أذكر عمال أخبار اليوم الذين خرجوا يدافعون عن أخبار اليوم عندما هاجمتها المظاهرات الغاضبة احتجاجا على مهاجمتها أحد الحكومات.

أذكر كل رجل وامرأة ثبتوا في أخبار اليوم مواجهين هجمات التتار، وأذكر أيضا كل من قال عنى كلمة حق عندما كان الباطل هو أعلى الأصوات.

أذكر الذين كان لديهم شجاعة الهمس، فقد كان الهمس في يوم من الأيام بطولة، فكل واحد منا يجب أن يعطى من قلبه ومن نفسه ومن اهتمامه للناس.

إن هذا أشبه برصيد نضعه في بنك الزمن، ونستطيع أن نعتمد على هذا الرصيد عندما نواجه أزمات الحياة.
الجريدة الرسمية