رئيس التحرير
عصام كامل

مفيد فوزى يكتب: أيام خميس أفندى

مفيد فوزى
مفيد فوزى

في مجلة صباح الخير عام 1967 كتب الصحفى مفيد فوزى مقالا قال فيه:

أكتب عن بنى سويف، عن صباي وأحلامي المبكرة، أكتب عن قلبى الغض الصغير الذي كان يهفو إلى الحب ويشتاق لهذا الساحر الغامض.


أكتب عن صداقات قليلة احتوتها الحياة وقذفت بها في نار التجربة، كنت يومئذ بالبنطلون القصير وبشعر رأس الأسد قصدا، كنت أمشى كل صباح من حى مقبل إلى مدرسة بنى سويف الثانوية.

كان يحلو لى أن أمر على الكوبرى لا حبا في الكوبرى، ولكن حبا فيما وراء الكوبرى، فوراء الكوبرى المحطة يقع مبنى التنهدات..مدرسة البنات الثانوية.

كنت أمر من هناك أنا وتلميذ صديق هو الآن قاض في إحدى محاكم الصعيد، وأذكر أن شعره لم يكن يمر على عم مرسي الحلاق مثلى، ولذلك فهو وسيم.

كنا نمر سويا ونختلس النظرات إلى شبابيك المدرسة المغلقة ونتخيل ما وراءها ونطلق العنان لخيالنا فتدق قلوبنا.

كنا نستعجل الزمن ونتمنى لو دحرجتنا الأيام لنكبر فتكبر قلوبنا فيزورها أي ضيف، وعندما كنا نكتشف أن وقت المدرسة يقترب نجهض أحلامنا ونسرع الخطوات قبل أن تلسعنا خرزانة خميس أفندى.

ومرت الأيام وودعت بنى سويف وتفرق الأحباب وجئت إلى القاهرة ونسيت أيام خميس أفندى ولا تصحو عندى إلا إذا قابلت صديق أو قرأت كلمة بنى سويف.

لكن حدثت لى تجربة مثيرة بعد عشر سنوات ذهبت إلى بنى سويف أنا وعبد الستار الطويلة لنعقد ندوة في مبنى التنهدات ـــ مدرسة البنات الثانوية.

دخلتها هذه المرة لأول مرة صحفيا أحمل في يدى قلما متواضعا وبحركة لا إرادية وقفت أطل إلى أحد الشبابيك المغلقة.

ابتسمت وسرت في بدنى قشعريرة عمرها سنوات العمر منذ الطفولة، وجلسنا نتكلم ونتكلم ونتناقش وسرحت في ميدان حارس ومنتزه عزمى والسينما الأهلي وعمارة الفرجة.

وانتهت الندوة ورحت بيت بنى سويف وقلت لعبد الستار الطويلة: آدى بيت بنى سويف مش بيت المنوفية.
الجريدة الرسمية