رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ملكة جمال العالم في عيون عميد الأدب العربي

 الدكتور طه حسين
الدكتور طه حسين

في مجلة الرسالة عام 1933 كتب عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين مقالا قال فيه: حين قرأت في الصحف أخبار ملكة جمال العالم وتشريفها مصر بزيارتها السعيدة، ولكن لا أدرى أوفقت الإنسانية حين فتحت على نفسها هذا الباب الظريف السخيف الذي يدخل عليها منها ظرف كثير وسخف كثير.


هذا الباب الظريف السخيف الذي يبعث الرضا ويبعث السخط والذي يغيظ ويلهى هو باب المسابقة إلى الفوز بسلطان الجمال، خطرت هذه الفكرة لكاتب فرنسى ليس هو من المتعمقين في الجد ولا من المتهالكين على الهزل.. وإنما هو كاتب خفيف ظريف فتح للإنسانية باب للجمال على مصراعيه، وأثار في رؤوسها الفارغة فكرة المسابقة إلى سلطان الحسن.. هو موريس دواليف الذي خطرت له الخاطرة ذات يوم وهو يمزح، أو ذات ليل وهو يهو فتحدث إلى صديق ثم إلى إدارة الجورنال.

وما أصبح الصباح حتى ملات الفكرة باريس، وما كان الغد حتى ملأت الفكرة أوروبا، وما مضت أيام حتى ملأت الفكرة الأرض ومن عليها.

وإذ يقرأ الناس الصحيفة ويتساءلون عن الفكرة الطريفة الظريفة فكرة موريس التي ستدعى إلى مسابقة الفتيات لإظهار ما يملكن من جمال بارع وحسن فتان.

وإذا التجربة الأولى تتم، وإذا للجمال ملكة في فرنسا، وتسير البلاد الأخرى مسيرة فرنسا، وإذا لكل بلد ملكة للجمال واذا المسابقة أوروبية، واذا لأوروبا ملكة، ثم للعالم كله ملكة.

لكن سلطان الجمال وإن استعار ألقابا ملكية أحاط نفسه بألوان القوة والأبهة فاتر قصير المدى كالجمال نفسه هو أشبه بالجمهورية القديمة في اليونان والرومان لا يدوم فيها السلطان لصاحبته أكثر من عام، وهو ملك لكنه لا يورث إنما يكسب بالانتخاب الضيق المحدود المتأثر بالأغراض السياسية في كثير من الأحيان.

إن هذا الملك الطارئ السريع الزوال يعبث برءوس الملكات وأسرهن، ومن طبيعة الملك أن يعبث بالرءوس إلا إذا اعتمد على دستور صحيح، وليس لملك الجمال دستور، ورغم ذلك فهو يعبث برءوس كثير من الرعية الشبان والشيوخ وأصحاب الملاعب والمراقص والسينما.

انظر إلى ملكة الجمال التي شرفت مصر بزيارتها مؤخرا لم تكد تهم بالزيارة حتى سبقتها الأنباء فطربنا واستشعرنا شيئا من الغبطة، وتفضلت صاحبة الجلالة الصحافة فقامت لزميلتها في الملك بما يجب من الإعلان ونشر الدعوة، وكانت دار "الجهاد" ملتقى الملكتين على مائدة صديقى توفيق دياب واجتمعت الملكتان ملكة الجمال وملكة الكلام.

وملكة الجمال ظريفة، فما كادت تصل إلى مصر حتى أدت طائفة من الواجبات يفرضها جلال الملك وسماحة الجمال فزارت رئيس الوزراء، ثم زارت البرلمان وأدى وكلاء الأمة واجبهم نحوها، واتجهت إلى المعارضة فزارت رئيس حزب الوفد المصرى ورئيسة الاتحاد النسائى ودور الصناعة والتجارة.
Advertisements
الجريدة الرسمية