رئيس التحرير
عصام كامل

الأرشيف السينمائي.. خرج ولم يعد (4)


كنت أريد الاسترسال في شرح تاريخ مصر مع محاولة إنشاء الأرشيف السينمائى المصري، خاصة واننا كنا من أوائل الدول التي سعت إلى ذلك في المنطقة منذ منتصف الخمسينيات، وأن هناك محاولات عديدة بذلت في سبيل تحقيق ذلك الأمل، بل كان هناك ترحيب من الاتحاد الدولى للأرشيف بعضوية مصر التي بدأت بالفعل خلال رئاسة الكاتب الكبير "يحيي حقي" لمصلحة الفنون.


إلا أننا رغم إصدار القرارات وسن القوانين من أجل ذلك لم نفعل اشتراكنا في الاتحاد الدولى للأرشيف لتقاعس البعض عن إرسال قيمة اشتراك مصر في الإرشيف، وكانت مبلغا زهيدا وقتها، إلا أننا قررنا أن نغلق على أنفسنا، وتعرض الأرشيف القومى في السنوات التالية على صدور القانون لصراعات وهزات إدارية أدت إلى تفريغه من العناصر الصالحة، وانحسار عملية الإيداع إلى مجرد تنفيذ شكلى للقانون دون قصد حقيقى إلى غايته أو المصلحة العامة التي يكفلها..

الأمر الذي انتهى إلى حصيلة ضخمة من نسخ الأفلام المستهلكة أو المشوهة كما أثبت الفحص والمراجعة، بحيث لا يصح الاعتداد بها في معايير الأمانة التاريخية أو الموثوقية العلمية، ولا حتى في عرف اللوائح المخزنية المعمول بها.

لكنني أتوقف هنا عند رسالة من الصديق "لطفى قلينى" الذي تابع ما كتبت، وكان أحد العاملين بالمركز القومى للسينما – مقر الأرشيف لسنوات قبل أن يخرج إلى التقاعد في السن القانونية، وهو مهتم كثيرا بما حدث للأرشيف السينمائى المصرى بعد تكوينه من فساد وإفساد بعض الصغار الذين باعوا الأرشيف، أو تقاعسوا عن تسلم النسخ من المنتجين وأحيانا كانوا يتسلمونها ثم يسربون النسخ إلى المنتجين مرة أخرى ويضعون مكانها نسخ تالفة..

يقول "لطفى قلينى" في رسالته:
"فاتك أن تذكر أن اشتراكنا في الأرشيف الدولى لم يفعل أبدا.. رغم ما كان يتيحه لنا هذا الاشتراك من إمكانيات، لاستكمال الأرشيف الذي سرق واحترق على مدى سنوات عديدة.. ولقد بلغ تهاون المسئولين بالمركز القومى للسينما لدرجة عدم المواظبة على سداد قيمة اشتراكنا في الأرشيف الدولى، والذي كان حينها مجرد بضع مئات من الدولارات فسقطت عضويتنا بفعل فاعل.

أما ذكرك بأن الأرشيف القومى المصرى واظب على استلام نسخة من الأفلام المنتجة بحالة جيدة، لإيداعها بمخازن الارشيف غير الصالحة بالمرة للإهمال تارة، وعدم جاهزية العاملين فيه، أو تدريبهم وإعدادهم لهذه المهمة القومية..

أضف إلى ذلك تلاعب العديد من العاملين بإدارة الأرشيف القومى التابع للمركز القومى للسينما بتلبية رغبات العديد من المنتجين مع الأسف نظير جنيهات قليلة.. باستبدال نسخ الأفلام المودعة بمخازن الأرشيف بعد عرضها بلجنة الفحص والمشاهدة استبدالها بنسخ مستهلكة مهلهلة بعد استنزافها في العروض الجماهيرية في الدرجات الأولى والثانية بل والثالثة أيضا، وعليه فان نسخ جميع الأفلام المودعة بمخازن الارشيف، وحتى الآن نسخ غير صالحة للإيداع"..

ويتحدى "لطفى القلينى" في نهاية رسالته من يقول بغير تلك الحقيقة الساخرة والمؤسفة مع الأرشيف..
الأسبوع القادم نستعرض رسالة مدير التصوير السينمائى والمخرج "كمال عبد العزيز" رئيس المركز القومى الأسبق للسينما.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية. 
الجريدة الرسمية