رئيس التحرير
عصام كامل

قابوس بن سعيد.. 49 عاما على حكم سلطان الخير

السلطان قابوس
السلطان قابوس

تحتفل سلطنة عمان، اليوم الثلاثاء الموافق 23 يوليو، بيوم النهضة الذي يوافق تولي السلطان قابوس بن سعيد، مقاليد الحكم في البلاد منذ عام 1970، ليطوي عامًا من الخطط والاستراتيجيات المتواصلة لبناء الوطن، ويستشرف عامًا جديدًا يحدوه الأمل لاستكمال مسيرة البناء والتنمية.


ذلك اليوم -23 يوليو 1970-، الذي استهلت فيه السلطنة حقبة تاريخية تم خلالها تأسيس دولة عصرية حديثة، تشهد تنفيذ استراتيجيات وخطط خمسية متتابعة للتنمية المستدامة، في ظل ممارسة عميقة للشورى والمشاركة والديمقراطية تتميز بالوعي والنضج، وتتويجا لهذه الممارسة العظيمة يتواصل الإعداد تمهيدا لتدشين مرحلة برلمانية جديدة، بعد انتخابات مجلس الشورى التي تجري خلال العام الحالي.

أدوار استراتيجية

وتؤكد العديد من تقارير مراكز الأبحاث والدراسات السياسية، أن السلطنة تضطلع بأدوار إستراتيجية بالغة الأهمية تدعم المساعي الرامية إلى إحلال الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي، بعد أن تمكنت في غضون فترة قصيرة من تأسيس علاقات وثيقة مع مختلف الدول، في مقدمة استحقاقاتها ونتائجها العلاقات الثنائية الوثيقة والمتميزة بين مصر والسلطنة، والتي تحقق تقدما مضطردا على كافة الأصعدة، بقيادة الزعيمين الكبيرين الرئيس عبد الفتاح السيسي والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، والتي تمثل نموذجا رفيعا يحتذى به، فضلا عن أنها تعد تطبيقا عمليا على أرض الواقع لتحقيق التضامن العربي، حيث أرست البلدان أسسا قوية لعلاقات إستراتيجية نموذجية بين الجانبين اللذين يحرصان على تنسيق مواقفهما.

وتفاعل رواد ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى مع هذه المناسبة، حيث تصدر هاشتاج #يوم_النهضة_المباركة #٢٣_يوليو_المجيد قائمة الأكثر تداولا بمواقع التواصل في عُمان، احتفاء بيوم النهضة الذي يحتفل به الشعب العماني منذ أن تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان، مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من يوليو سنة 1970 الموافق لتتوج هذا العام إنجازات نحو نصف قرن.

وقال عمانيون في تعليقاتهم: إن اليوم هو يوم تاريخى للسلطنة، رفعت فيه راية نهضتها المعاصرة في جميع أرجائها، من شمالها إلى جنوبها، وتقف اليوم كما وقفت عبر عقود نهضتها وطنا وشعبا وقيادة وحكومة فخورة بإنجازات مسيرتها.

السلطان الثامن

والسلطان قابوس قابوس بن سعيد بن تيمور بن سعيد البوسعيدي، هو السلطان الثامن من سلالة البوسعيد، ويعود نسبه للمؤسس الأول لسلطنة عمان الإمام أحمد بن سعيد.

ولد السلطان قابوس في الثامن عشر من شهر نوفمبر من عام 1940م في مدينة صلالة الواقعة في محافظة ظفار في سلطنة عمان، المصادف الثامن عشر من شهر شوال عام 1359 هجرية، وينحدر من أسرة حاكمة ذات أصول عريقة.

تعليمه

تتلمذ السلطان قابوس في بدايات تعليمه على يد أساتذة متخصصين بتعليم اللغة العربية وأصول الدين ومبادئه في المدرسة السعيدية في مدينة صلالة مسقط رأس السلطان، وابتعثه والده في عام 1958م إلى إنجلترا ليواصل تعليمه في المؤسسة التعليمية (سافوك)، واستمر على مقاعد الدراسة فيها لمدة سنتين، وبعد انهائه هذه المدة انضم إلى صفوف طلبة الأكاديمية العسكرية الملكية ساند هيرست، وكان فيها ضابطًا مرشحًا، كان ذلك عام 1960م، وتخرج فيها بعد مرور سنتين برتبة ملازم ثاني وكان حينها قد أنهى دراسته في العلوم العسكرية.

التحق بعد ذلك في الكتائب البريطانية كمتدرب في فنون القيادة العسكرية في ألمانيا لمدة بلغت ستة أشهر، وعاود أدراجه إلى إنجلترا ليتعلم نظم الحكم المحلي ودراسته لمدة عام واحد، كما التحق بالدورات الخاصة بأمور الإدارة وشئونها، وفتح والده أمامه الآفاق ليجوب العالم، واستغرقت رحلته هذه مدة تسعين يومًا وكانت نهايتها العودة إلى صلالة.

الدين الإسلامى

تفقه السلطان قابوس خلال سنوات جلوسه على مقاعد الدراسة في الدين الإسلامي وأموره، كما تعمق بتاريخ سلطنة عمان وحضارتها وتعرف إليها منذ قيامها، ويشيد السلطان قابوس بدور والده خلال تعليمه، إذ ساهم إصراره على تعلم الدين الإسلامي ودراسة تاريخ عمان في توسيع مدى إدراكه ووعيه بما سيتحمله من مسؤوليات عند توليه الحكم على سلطنة عمان.

صب السلطان قابوس اهتماماته على العلوم بمختلف أنواعها، فظهر اهتمامه بأمور الدين، واللغة العربية وآدابها، والتاريخ، والشئون البيئية، وعلوم الفلك، كما دعم قيام المشاريع الثقافية وتشجيعها، ومن أهم المشاريع التي شجع على قيامها موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية، وتشجيع قيام مشروعات تحفيظ القرآن في عمان وبعض الدول العربية، وإطلاق جائزة السلطان قابوس لصون البيئة وغيرها الكثير من الاهتمامات.

ركوب الخيل

من أكثر الهوايات التي مارسها السلطان هي ركوب الخيل، إذ كان أول ما بدأ بركوب الخيل في سن الرابعة من عمره على الرغم من قلة ممارسته لهذه الهواية نظرًا لانشغاله بكثير من الأعمال، كما أنه كان يهوى الرماية، وما عمق محبة هذه الهواية هي التدريبات العسكرية التي لعبت دورًا فعالًا في تعزيزها، وحب التجربة والخوض بكل ما هو مستحدث، وكان يحب المشي ويعتبره وسيلة للرياضة وإطلاق العنان للتفكير، والتصوير، والقراءة وغيرها.

بدأت سلطنة عمان منذ بداية عهده بالتصدير التجاري للنفط والذي اكتشف بكميات تجارية عام 1968 وشهدت البلاد انتعاشا اقتصاديا مع بداية حكمه، قسم برنامجه السياسي إلى مشاريع تنمية وطنية لكل خمس سنوات أسماها بالخطط الخمسية، عام 1985 قضى على الثورة الاشتراكية في محافظة ظفار التي استمرت عشر سنين، السلطان قابوس هو ناقل البلاد من الحكم القبلي التقليدي إلى الحكم النظامي الديمقراطي، وأنشأ المجلس الاستشاري للدولة وبعد عدة أعوام استبدله بمجلس الشورى يمثل أعضاؤه جميع الأقاليم، وهو مجلس استشاري تشرف عليه هيئة أعلى تنفيذية تُعرف بمجلس عمان.

النظام الديمقراطى

تتلخص أهم إنجازات السلطان قابوس في أنه أسس حكومة على النظام الديمقراطي، فبدأ بتكوين سلطة تنفيذية مؤلفة من جهاز إداري يشمل مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، إضافة إلى الدوائر الإدارية والفنية والمجالس المتخصصة ومن أولى الوزارات التي أسسها السلطان قابوس بعد توليه مقاليد الحكم مباشرة وزارة الخارجية، فقد أسسها بعد فترة قصيرة من توليه الحكم عام 1970م محققًا بذلك روابط وصلات بالعالم الخارجي مبنية على أسس مدروسة وبعد عام واحد من توليه عام 1970م انضمت بلاده إلى جامعة الدول العربية.

وقد أوضح السلطان قابوس الخطوط الرئيسية لسياسته الخارجية وذكر أنها مبنية على حسن الجوار مع جيرانه وأشقائه وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية وتدعيم علاقات عمان معهم جميعًا وإقامة علاقات ودية مع سائر دول العالم والوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ومناصرتها في كل المجالات وأوضح بأنه يؤمن بالحياد الإيجابي، ويناصره وقام بإرسال بعثات دبلوماسية تمثل السلطنة في أغلب أقطار العالم، كما فتح أبواب مسقط أمام البعثات الأجنبية وأنشئت فيها القنصليات والسفارات والهيئات الدولية والإقليمية، حققت سياسة السلطان قابوس الاستقرار والأمن وهما الدعامتان الأساسيتان لبناء السلطنة ولتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية.

السياسة الخارجية

بعد أن أمن السلطان قابوس سياسته الخارجية وأقام علاقات ودية مع كل أقطار العالم اتجه إلى الجبهة الداخلية وعمل على رفعتها وقد شهدت عمان خلال عهده نهضة سريعة في سائر المجالات، ففي مجال التعليم أنشأ المدارس في كل أرجاء البلاد وجعلها للجنسين، البنين والبنات.

وفي المجال الصحي، أمر بإنشاء أعداد كبيرة من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية في كل أرجاء عمان وأمدها بكل احتياجاتها من أطباء ومعدات وأدوات وأدوية وأمن بذلك صحة العُمانيين في المدن والقرى والأرياف على حد سواء، أما في المجال الصناعي فقد وسع إنتاج البترول وطوره فانتشرت مصانع تكرير النفط في البلاد، إضافة إلى مصانع الأسمنت ومصانع تعليب الأسماك والتمور وغير ذلك من المنتجات. وشجع السلطان قابوس المزارعين وعمل على تطوير طرق الزراعة ونقلها من الطرق التقليدية القديمة إلى الطرق الحديثة التي تعتمد على الآلات والمعدات الحديثة، لا على المجهود الإنساني فقط وقد قدم ولا يزال المساعدات السخية للمزارعين ليتمكنوا من استغلال الأرض واستثمارها ليتحقق لعمان الاستقلال الغذائي، فأصبحت البلاد تنتج كل ما تحتاجه من غذاء، من قمح وخضراوات وفواكه وغيرها ويصدر ما يفيض عن حاجتها طازجًا أو بعد تعليبه إلى البلدان المجاورة.

ازدهار التجارة

وازدهرت التجارة في عهد السلطان قابوس في المجالين الداخلي والخارجي وارتبط ازدهار التجارة بتطور المواصلات التي تنقل المنتجات الزراعية من مناطق الإنتاج إلى سائر أرجاء السلطنة وإلى الخارج كما تقوم وسائل المواصلات بنقل المنتجات الصناعية من وإلى الدول المجاورة وبقية الأقطار الآسيوية والأفريقية والغربية ـ خاصة إنجلترا وفرنسا وأمريكا.

وارتبطت عمان بشبكة من المواصلات البرية والبحرية، كما تم إنشاء موانئ بحرية وجوية للاتصالات الداخلية والخارجية وتم افتتاح ميناءين كبيرين هما ميناء السلطان قباوس في مطرح وميناء ريسوت في المنطقة الجنوبية وفي عام 1981م انضمت البلاد إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحقق السلطان قابوس بذلك تعاون بلاده مع بقية دول الخليج العربي في المجال الدفاعي المشترك وفي تحقيق المشاريع الاقتصادية المختلفة وتعيش عمان اليوم فترة إزدهار وأمان وبناء متصل تحت قيادة السلطان قابوس وتعد من أكثر الدول إستقرارًا وأمنًا وسط إقليم تهزه الأزمات.
الجريدة الرسمية