رئيس التحرير
عصام كامل

يا محافظ الشرقية: «لا شكوى شافعة ولا كتابة نافعة»


«يا بلد مفيهاش راجل».. بداية تفتقد كل عوامل المنطق والأدب أن تبدأ بها مقالا أيا كان نوعه أدبيا أو نقديا أو حتى معارضا، ولكن أن تكون تلك العبارة دائمة التردد على مسامعك كلما استقللت وسيلة المواصلات بين مركزي «أبو حماد – بلبيس» والعكس، وذنبك الوحيد أن في بطاقة تحقيق شخصيتك، في خانة محل الميلاد: قرية الحلمية – مركز أبو حماد – محافظة الشرقية.


الطريق الواصل بين مركزي أبو حماد وبلبيس، تحديدًا مسافة الـ 4 كيلومترات التي تمر على قرية الحلمية، والتي نالت نصيبها من لعنة توصيل خط الصرف الصحي الجديد، منذ سنوات تعبت وتعب أهالي القرية من عدها، ليتحول بعدها ذلك الطريق الرئيسي من مسار أسفلتي مهيأ للنقل الخفيف والثقيل، لبركة من الوحل والطين والرمال التي لم تعد تصلح لسير حتى الدواب عليها، ناهيك عما تأن منه المنازل وقاطنيها من المياه الراكدة نتيجة أعمال الحفر وتحولها للون الأخضر (الريم)، وما يقترن بها من روائح كريهة وتعطيل لحركة السير للأهالي، والمدقات التي جعلت كلا من سائقي سيارات الأجرة (الكبوت) و(التوك توك)، يفكرون ألف مرة قبل موافقتك على توصيلك لجهتك لمجرد أن خط السير يمر على القرية المنكوبة، ونظرة السائق لك شزرًا كلما توددت إليه لتوصيلك.

نعود مرة أخرى للعبارة غير المنطقية التي بدأت بها سطوري، «بلد مفيهاش راجل»، دون أدنى مبالغة كل أهالي القرية من مستقلي المواصلات يتلقون تلك الصفعة في آذانهم من أقرانهم من سكان مركزي أبو حماد وبلبيس أو القرى التابعة لهما، واصمين أهل الحلمية بالجبن لصمتهم على ما آلت إليه قرية كانت في شبابها من مصاف القرى النموذجية، حتى إن بعض المتصيدين في الماء العكر يتعمدون تحريض الأهالي على تنظيم الوقفات الاحتجاجية أمام مجلس مدينة أبو حماد، ومنه تخرج مسيرة إلى ديوان عام محافظة الشرقية.

فيا سادتي المسئولون لا أخفيكم سرًا أن بعض تلك الأصوات بدأت تلقى قبولًا ولو مستتر، وكل ذلك بسبب مسئول لا يهمه ما تأن منه القرية وقاطنوها، طالما سيادته يمر على القرية عابرًا مستقلًا سيارته، ذات الزجاج الـ«فاميه»، حتى إن سيادة المحافظ منذ آخر مرة تفضل وأنعم على القرية بزيارته لم يكررها، ويبدو أن رائحة المياه الراكدة أزكمت أنف معاليه، أو أن الوحل والمدقات قد آذت «شاسية» سيارته التي هي بالطبع مملوكة للمحافظة، فكان عليه أن يحافظ على الممتلكات العامة، وعدم تركها عرضة للتهالك بسبب قرية لا يسكنها سوى أكثر من 34 ألف نسمة.

هل تلك الكلمات سيأتي عليها اليوم لتؤتي ثمارها؟.. - بالطبع لا، ولكني مُصر كل فترة بين الحين والآخر على كتابتها فقط للرسالة أرد توصيلها لمعالي المسئول في برجه العالي.. (لا شكوى شافعة ولا كتابة نافعة)، فقد سبق ونقلت لمعالي الوزير محافظ الشرقية، رسالة أهالي الحلمية حول ما يعانون منه، قائلين له: «أنقذونا أو اقتلونا»، وفي رسالة أخرى: «اقتلونا كي تستريحوا».
الجريدة الرسمية