رئيس التحرير
عصام كامل

تحذير مبكّر!


كما كان متوقعا لدينا عاد عجز الميزان التجارى للسلع غير النفطية للزيادة مجددا، بعد أن اتجه الجنيه المصرى للارتفاع، والدولار الأمريكى وبقية العملات الاخرى للانخفاض.. فإن الانخفاض الذي حدث بعد تعويم الجنيه في خريف عام ٢٠١٦ كان يرجع إلى زيادة تكلفة استيراد الكثير من الواردات، وبالتالى ارتفاع أسعارها فقل الطلب عليها في السوق المصرى، وكانت النتيجة إحجام المستوردين عن استيراد بعض هذه السلع، أو تقليل الكميات المستوردة منها..


ولذلك بعد أن عاد الجنيه للارتفاع منذ بداية هذا العام، كان من الطبيعى أن يترجم ذلك في انخفاض تكلفة استيراد هذه السلع على المستوردين، فعادوا إلى استيرادها مجددا، في الوقت الذي لم تحدث دفعة قوية لزيادة الصادرات، بل إنها أيضا اتجهت للانخفاض في الربع الثالث من العام المالى الحالى.

وهذا يؤكد ما سبق أن قلناه وكررنا قولهإأنه لا يكفى دور البنك المركزى لتخفيض العجز في الميزان التجارى، وإنما على الحكومة أن تؤدى دورها أيضا.. وهذا الدور مزدوج.. أولا انتهاج سياسات واتخاذ قرارات لزيادة الصادرات، وهذا يقتضى أولا زيادة الإنتاج الصناعي والزراعى، لأن القطاع العقارى لا يكفى لضمان تنمية مستدامة لأى اقتصاد في العالم، وإن كان ضروريا لمنحه دفعة تنشيطية عاجلة..

وثانيا العمل على تخفيض الواردات من الخارج، خاصة تلك الواردات غير الضرورية، والتي يمكننا الاستغناء عنها، وتتيح منظمة التجارة العالمية أن نتخذ قرارات لوقف استيرادها لبعض الوقت.. وحتى بدون هذه القرارات يمكننا بسياسات الإنتاج لاحلال الواردات أن نخفض وارادتنا من الخارج، وبالتالى نقلل من عجز ميزاننا التجارى.

أما الاعتماد على السياسات النقدية فقط لتخفيض الواردات، كما حدث خلال السنوات السابقة، فهو من شأنه أن يزيد مزيدا من الأعباء على أصحاب الدخول المحدودة، لأنه يزيد من معدل التضخم مجددا بدلا من تخفيضه.
الجريدة الرسمية