رئيس التحرير
عصام كامل

عم عبد الرحمن.. قصة تسعيني عاشق للشماسي في قوص (فيديو وصور)

فيتو

عم عبد الرحمن خطاب صاحب التسعين عامًا، واللحية البيضاء والجسد النحيل، يفترش الأرصفة في شوارع مدينة قوص جنوب محافظة قنا يؤدي عمله بلا كلل أو ملل في تصليح الشماسي التي يعشقها هي وصناعة الغرابيل المنزلية، يرتدي جلبابه البني واضعًا على رأسه العمامة، غير مبال بدرجة حرارة الأرض التي يفترشها وبجواره أدوات تصليح وتصنيع الشماسي القديمة ذات اللون الأسود التي كان يستخدمها ناظر العزبة وهو يجوب الأرض الزراعية لمتابعة العمل.


"فيتو" وقفت إلى جوار العم عبد الرحمن الذي يجلس بشارع القللي، لتسمع منه قصة تصليح الشماسي وصناعة الغرابيل، والإصرار على العمل حتى بلوغه سن التسعين عامًا.

"اللي فيه عين وراس يشتغل زي الناس"
تلك الجملة بدأ بها العم عبد الرحمن قائلًا "العمل ليس عيبًا، بدأت العمل في الصغر، ولم أبال يومًا بسماع كلام الناس، فهم دائمًا ما يحكون ما يحلو لهم"، منوهًا إلى أن لديه شابين، وهو الذي ينفق عليهما وعلى أحفاده، من خلال عمله في الشماسي والغرابيل".

وأكد، أنه بدأ العمل في تصليح وإعادة تدوير الشماسي منذ سنوات عديدة لا يتذكر في أي عام تحديدًا، ولكنه يتذكر أنها كانت في القديم تستخدم للأفندية والبهوات وتعتبر أحد أهم مقومات الشياكة والتفاخر، وكانت هناك أنواع كثيرة من الشماسي في ذلك الوقت ولكن أغلاها ذات اللون الأسود وهي كبيرة ولا يزال بعض كبار القبائل والعائلات يحتفظون بها ويأتون بها إلى كي أصلحها أو أقوم بتركيب شرائح لها لإعادة استخدامها.

وعن الأسعار يقول "بالطبع زمان غير دلوقتي.. الأسعار اتغيرت تمامًا، وكل شيء له ثمنه حاليًا، وحتى المواطنين تغيروا قائلًا "كنت أطلب والزبون يدفع..أما حاليا يناهد ويدفع اللي هو عاوزه ومضطر اسكت عشان المركب تسير".

وسرد ذكرياته قائلًا" كنت بقبض 90 جنيهًا من المصنع اللي كنت شغال فيه، وربك كان بيبارك فيهم.. دلقوتي بيقوا كتير بس مفيش بركة"، لافتًا إلى أن الأشياء جميعها أصبحت غالية الثمن، والأسعار كل ماهي في ارتفاع كبير.

وأشار، إلى أن الشماسي كانت أحد متطلبات المصيف حتى هنا في الصعيد للبهوات والباشوات وكبار القوم كما كان يطلق عليهم في ذلك الوقت، ويحرص الكثير منهم على شرائها للسفر بها بالإضافة إلى الشماسي التي تستخدم في التجوال وتوضع على راس الخواجة وناظر العزبة، أما حاليًا الستات هي اللي بتستخدمها في الصيف للوقاية من أشعة الشمس عند عودتهن من العمل.
وأكد أن الكثير من الناس يفضل تصليح القديم ويرفضون شراء الجديد، باعتباره مستهلكا قبل الاستخدام ولا أحد ينكر أن صناعة الشماسي الصيني غير جيدة وتتلف بسرعة والكثير منها لا يصلح لإعادة التدوير، والبعض يستخدمها للسفر على جبل عرفات لأداء وأثناء مناسك الحج. 

وفي الرسوم التي تزين البيوت في موسم الحج لاتزال موجودة، ناهيًا حديثه قائلا "لا أبالي بأي حديث يوقف من عزيمتي وسأظل أعمل حتى آخر يوم بحياتي، والشغل مش عيب.. والحياة لا تتوقف عند سن معين".
الجريدة الرسمية