رئيس التحرير
عصام كامل

انتفاضة برلمانية ضد «تزويغ الحكومة».. مذكرات لرئيس المجلس وتلويح بـ«سحب الثقة».. عمر مروان وزير «تهدئة الأجواء».. ووزير الزراعة يتصدر قائمة «المغضوب عليهم»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

رغم التأكيد دائما على العلاقة التكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلا أن هناك مشكلة يمكن وصفها بـ«الأزلية» بين الطرفين منذ بداية الفصل التشريعي الحالي الذي اقترب دوره الرابع من الفض، والمتمثلة في تغيب الوزراء عن حضور اجتماعات اللجان النوعية للمجلس، وهو ما يعتبره نواب البرلمان «تجاهلا متعمدا من الوزراء، في الالتزام بالدعوات الموجهة إليهم لنظر العديد من الملفات».


لجان الأزمة
غالبية لجان مجلس النواب، لعل في مقدمتها لجنة الزراعة والري واستصلاح الأراضي، وكذلك الإسكان، تقدمت بشكاوى ومذكرات للدكتور على عبد العال، بشأن تخلف المسئولين عن حضور الاجتماعات، وهو ما يدفع تلك اللجان لإلغاء اجتماعاتها، وبدوره لا يتوان الدكتور على عبد العال لحظة في عرض الأزمة خلال الجلسة العامة، ويوجهها للمستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، الذي يقوم بدوره بالتأكيد على أن الحكومة تحترم وتقدر دور البرلمان، وأن الغياب يكون خارجا عن الإرادة وليس تجاهلا كما يصفه النواب، ويشير «مروان» في الوقت ذاته إلى أن الوزراء لا يتجاهلون تماما الدعوات، لكن يقدمون اعتذارات فحسب، وإنما يوفدون من ينوب عنهم من المسئولين المختصين في الملفات المعروضة للنقاش، وفي المقابل، يكون رد الدكتور على عبد العال، بالتأكيد على التزام المسئولين الحكوميين بالحضور أمام لجان البرلمان.

وزراء الحضور الدائم
ومقابل تجاهل الوزراء والمسئولين الحكوميين، وفي مقدمتهم وزارة الزراعة، هناك بعض الوزراء دائمو التردد على المجلس بدون انقطاع وهم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وكذلك الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، فلا يكاد يمر أسبوع في الجلسات العامة للبرلمان، والتي توافقها اجتماعات اللجان النوعية، إلا ويشارك الوزيران في اجتماعات مختلفة داخل المجلس.

مشاركات وزير الأوقاف لا تنته عند اللجنة الدينية فقط، وإنما يتم استدعاؤه لاجتماعات لجان أخرى للحديث عن دور الأوقاف في ملفات بعينها، ولا يتأخر الوزير عن الحضور، ونفس الأمر بالنسبة لوزير الشباب والرياضة.

الأزمة لم تتوقف عند غياب الوزراء عن اجتماعات اللجان النوعية، بل وصل الأمر إلى الجلسة العامة أيضا، وهو ما دفع الدكتور على عبد العال، في عهد حكومة المهندس شريف إسماعيل، بتوجيه تهديد للحكومة بضرورة المشاركة وتلبية توجيه البرلمان والحضور، وأمام غضب النواب، تمسك على عبد العال، باستمرار الجلسة، رافضا إنهاء أعمالها، قائلا: المجلس هو الذي يملك التشريع ولو رفعت الجلسة يعني أن الحكومة هي من انتصرت، ولم يتوقف الأمر عند توجيه اللوم للحكومة أو بيان الغضب من تجاهل الوزراء، بل لجأ بعض النواب لاستخدام أدواته البرلمانية ضد الحكومة، فقدم النائب هشام مجدي، عضو لجنة الشئون الأفريقية في البرلمان، طلب إحاطة للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة، بسبب ما أسماه «غياب وتقاعس بعض الوزراء عن الحضور لاجتماعات اللجان البرلمانية»، واستشهد النائب في ذلك باللجنة التي ينتمي إليها، قائلا: بعض الوزراء ليس لديهم اكتراث بالشأن الأفريقي الأمر الذي يتطلب وضع الأمر أمام رئيس الحكومة.

من جانبه استنكر هشام مجدي، اكتفاء وزيرة السياحة وقتها بإرسال معاون لها، الأمر الذي تسبب في غضب أعضاء اللجنة، وقال النائب: كان يجب أن ينوب عن الوزيرة الغائبة مجموعة من أصحاب الخبرات ومن يقومون برسم الإستراتيجية وليس معاونا للوزيرة لا نعرف مهام عمله.

لجنة الإسكان
في حين فتح النائب معتز محمود النار على الحكومة، بسبب تغيب الوزراء عن حضور حضور أحد اجتماعات لجنة الإسكان والمرافق العمرانية، أثناء مناقشة موازنة الصرف الصحي، والتي تغيب عنها وزراء الإسكان والمالية والتخطيط، وقال: «الوزير اللى مش مهتم برؤساء ثلاث لجان برلمانية ومن قبلهم مش مهتم بصحة المواطن يقدم استقالته أحسن، متابعا: كنت أتمنى حضور الوزراء المعنيين، ولكن للأسف يبدو أن صحة المواطن المصري مش في دماغهم، وأن مشكلات الصرف الصحى لا تحظى باهتمامهم».

حل
وأمام استمرار تجاهل الوزراء لحضور اجتماعات اللجان النوعية، لجأ البرلمان إلى عدة حلول من بينها تواصل الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، مع رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، وتوجيه شكوى لرئيس الحكومة بسبب تجاهل الوزراء لاجتماعات اللجان، وفعليًا تواصل الدكتور على عبد العال، مباشرة مع رئيس الحكومة، في أزمة لجنة الزراعة مع الوزير، الذي سبق وتجاهل اجتماعات اللجنة لمناقشة أزمة البطاطس وقتها والتي ارتفع سعرها بشكل مبالغ فيه، وأمام استمرار الحكومة في التعنت والغياب، لجأ رئيس المجلس، إلى أسلوب آخر، وهو التهديد بتقديم استجوابات للحكومة، قائلا: «على الحكومة أداء دورها تجاه البرلمان على النحو المطلوب، المجلس تحمل كثيرا لمدة ثلاث سنوات، وجاء الدور على الحكومة ويجب أن تتعاون مع المجلس».

وكشف رئيس البرلمان أنه تقدم بعدة طلبات للحكومة، ولم يتلقَ أي رد منها، قائلا: «يجب على الحكومة أن تكف عن تلك المهاترات»، مشيرا إلى أن بعض الوزراء لا يتعاونون مع المجلس، والبعض الآخر يكتفي بإرسال معاونيهم للمجلس.

المثير في الأمر هنا أن الدكتور على عبد العال، لم يتوقف عند تهديد الحكومة بالاستجواب – الذي قدر يترتب عليه سحب الثقة من الحكومة - لكنه لجأ إلى نوع آخر من التهديد، وهو عدم مناقشة أي مشروع قانون يتعلق بأي وزارة لم يحضر وزيرها، مستندًا في ذلك بما كان يحدث في البرلمانات السابقة.

من جهته أكد السيد حجازي أحد أعضاء مجلس النواب، أن « تجاهل الحكومة لاجتماعات البرلمان، أمر غير مقبول، والدستور يلزم الحكومة بالتعاون مع البرلمان، والرد على كافة الطلبات والاستفسارات» كما أوضح النائب، أنه يحق للبرلمان استخدام كافة الأدوات البرلمانية لإلزام الحكومة على الحضور والاهتمام باجتماعات اللجان والجلسات العامة وكذلك الرد على كافة استفسارات النواب ومقابلتهم وحل مشكلات أبناء دوائرهم.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية