رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: زعماء العرب في أفريقيا

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

في مجلة روز اليوسف عام 1961 كتب الأديب إحسان عبد القدوس مقالا قال فيه:

الاستعمار يحاول دائما أن يفرق بين الدول العربية والدول الأفريقية، وللاستعمار فلاسفة مهمتهم فلسفة السياسة الاستعمارية والبحث لها عن حجج تنفق مع المنطق حتى تبدو كأنها نظرية أو مذهب يستحق الاعتراف به.


ومن الحجج التي يسوقها هؤلاء الفلاسفة أن الدول العربية التي تقع على ساحل البحر الأبيض وتبدأ من مصر وتنتهى عند مراكش.. هذه الدول تفصلها عن الدول الأفريقية الصحراء الكبرى، وهذه الصحراء بمثابة المحيط الذي يفصل بين أوروبا وأمريكا، وكانت دائما حائلا دون اتصال البلاد العربية بالدول الأفريقية سواء من الناحية الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

وبسبب وجود هذه الصحراء الكبرى لا يمكن اعتبار الدول العربية الواقعة على ساحل البحر الأبيض دولا أفريقية ولكنها دول تكون قارة أخرى قائمة بذاتها.

وعلى هذا الأساس يدعو السادة الفلاسفة إلى ما يسمى القومية الأفريقية بحيث لا يدخلها العنصر العربى بل تناقض وتحارب القومية العربية.

الغريب أن هؤلاء يدخلون السودان ضمن الدول الأفريقية وينفون عنه الصفة العربية بالرغم من ارتباطه بمصر.

ولو كان يكفى وجود الصحراء الأفريقية لتمزيق أفريقيا إلى قارتين إحداهما عربية والأخرى أفريقية لاستطعنا أن نفصل شرق الولايات المتحدة عن غربها لأن بينهما صحراء.

لكن المقصود من هذه النظرية الاستعمارية محاولة إبعاد الدول العربية التي تحررت عن بقية شعوب أفريقيا حتى لا تنتقل إليها العدوى.. عدوى التحرر وعدوى الثورة على الاستعمار.

وتصل تلك المحاولات إلى حد إنكار حقيقة وجود خمس دول عربية أعضاء في الجامعة العربية ضمن القارة الأفريقية.

وأول الدول العربية التي توجه ضدها هذه النظريات هي الجمهورية العربية المتحدة فهى مركز الاشعاع الذي ينطلق إلى أفريقيا كلها، وهى ليست دولة سلبية ولكن لها دور إيجابى في تأييد الشعوب المكافحة ولا تترك أرضا هادئا تحت أقدام الاستعمار.

هذه الحقيقة هي سر الضجة التي أقامها المستعمر حول المؤتمر الأفريقى الذي عقد بالدار البيضاء والذي أكد حقيقة الزعيم العربى جمال عبد الناصر كأحد زعماء أفريقيا وهو ما حاول الاستعمار إنكاره.
الجريدة الرسمية