رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى محمود يكتب: أدب اليفط والشعارات

مصطفى محمود
مصطفى محمود

في مجلة صباح الخير عام 1967 كتب العالم المفكر الدكتور مصطفى محمود مقالا قال فيه: ما الفرق بين الأدب وأي كلام ؟، أن الأدب كلام باق وغير قابل للاستبدال بكلام آخر، أنه يترجم إلى كل اللغات فلا يفقد شيئا من قيمته لأن قيمته في ذاته.


هو أكثر من مجرد ألفاظ مرصوصة، جديدة في تركيبها، أنه عالم جديد له قوانينه وعلاقاته الخاصة وشخوصه، عالم يجذبك إلى داخله ويغلق عليك دفات كتبه ويؤثر فيك كما يؤثر فيك البشر من حولك.

الجمال دائما موجود في الأدب في صورة علاقات جميلة، ألفاظ جميلة، معان جميلة وهو دائما من أجل الحياة، اتفه الآداب جميعها هو الأدب الذي يكتب للتسلية ولذلك فهو أدب من أجل الحياة لأن التسلية معناها حياة وانتعاش وليست موتا.

والأدب دائما هادف شاء الأديب أو لم يشأ، فكل أديب له موقف من الدنيا ومن الناس، وينتظر النقاد اليوم أي موقف من الأديب، ومن هنا ينشأ هذا السيل الجارف من المقالات ضد الأدباء.

هو هنا نقد سياسي وليس نقدا أدبيا، وهو نقد خطر لأنه يحول الكتاب الناشئين إلى خطباء يخطبون ود النقاد بالجمل الحساسة لا بالفن الجيد.

هناك أكثر من كتاب أدبي جديد يمثل الرداءة والسخف ومع ذلك نقرأ له مقدمة رائعة من ناقد يقول عنه أنه خلق وإبداع.
وهناك أكثر من كتاب متواضع تدق له الطبول لمجرد أن أبطال الكتاب حفاة وشخصيته الرئيسية تهتف للشعب. والنتيجة أن يوسف وهبي يبحث من جديد في عشرات الكتب والمقالات والمسرحيات.

هناك كتاب يختارون عناوين خلابة مثل زحف الجياع وجوع العقول ويرصون تحتها جملا خطابية عن القوى الصاعدة والغد المشرق.
هذا ليس هو الأدب، إنه النيات الطيبة والهتافات وعلى النقاد أن يقولوا لهذا النوع من كتاب الأرشيف سعيكم مشكور لكن كلامكم ليس فنا باقيا، إننا ننزلق إلى نوع من أدب اليفط دون أن ندري.

والقارئ أدبنا الجديد يكشف أن بين فنانينا الجدد أمثال محمود السعدني وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وعبد الحليم عبد الله ويوسف السباعي لايكاد يذكر النقاد إلا واحدا أو اثنين ويعتبرون ما يكتبه أدبا ويغفلون الباقي.
إن الرؤية الاجتماعية من خلال كاتب واحد لا تكفي لأن كل كاتب يكمل الآخر، والنقاد أحرار في اتخاذ المنهج النقدي الذي ينقدون على لأساسه لكني أحذرهم من المصير.

ونصيحتي إلى الأدباء أن يعوا جيدا تصفيق النقاد لن يجديهم شيئا، لأن الزمن هو الناقد الحقيقي الذي يجب أن يحسب حسابه الأديب.. هذه هي الحقيقة.
الجريدة الرسمية