رئيس التحرير
عصام كامل

«دنشواي».. مذبحة هزت عرش الإمبراطورية العظمى في مصر


في الثالث عشر من يونيو كل عام تحتفل محافظة المنوفية بعيدها القومي والذي يخلد ذكرى مذبحة دنشواى الشهيرة والتي راح ضحيتها مجموعة من أهالي القرية بعد أن صدرت عليهم الأحكام سريعا، فمنهم من حُكم عليه بالإعدام ومنهم من خط على ظهره أثار سوط الجلادين الإنجليز.


لم تكن دنشواى مجرد مذبحة بل تحولت إلى شرارة للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإنجليزى وتمكن المصريون من الانتقام من المحتل في حوادث متفرقة، وتم استغلال الحادث للتنديد عالميًا بجرائم المحتل في مصر.

«صيد الحمام».. الهواية التي تسببت في وقوع المذبحة، حيث كان ممنوعًا بحكم القانون لكن المستعمر لم يبال وانطلق 6 منهم لممارسة هوايتهم في الصيد لكن إحدى طلقاتهم الطائشة أشعلت النيران في "جرن القمح" الخاص بمؤذن القرية وأودي ذلك بحياة زوجته.

ثار فلاحو القرية معترضين على الحادث وحاولوا الفتك بالإنجليز لكنهم لاذوا بالفرار ولقي أحدهم مصرعه بسبب ارتفاع درجة الحرارة، بينما جرى احتجاز مجموعة منهم داخل القرية وبدأ الأهالي يتشاورون فيما سيفعلونه بهم.

لم يسعفهم الوقت وفوجئوا بقوات إنجليزية تقتحم القرية بوحشية هاجموا المنازل والحقول، وأهانوا الجميع، وألقوا القبض على 60 فردًا من أفراد القرية نجح ثمانية منهم في الهرب بينما تم احتجاز الآخرين في مسجد القرية تمهيدًا لمحاكمتهم.

شُكلت المحكمة سريعا وكان أفرادها بطرس غالى وزير الحقانية، والمستر هبتر المستشار القضائى، والمستر بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية، وأحمد فتحى زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية، وشقيق الزعيم الوطنى سعد زغلول.

لم تستمر طويلا تلك المحكمة الهزلية فبعد ثلاثة أيام صدر الحكم بإدانة 21 متهمًا، وشمل إعدام 4 أشخاص والأشغال الشاقة المؤبدة على اثنين، والأشغال الشاقة 15 عاما على شخص، والأشغال الشاقة 7 سنوات على 6 آخرين، وبالجلد 50 جلدة على 8 آخرين.

بعد يومين فقط من صدور الحكم تم نصب مشنقة خشبية داخل القرية وتنفيذ الإعدام والجلد أمام أعين الأهالي، الأمر الذي أثار حفيظة عموم المصريين وحولوها إلى قضية عالمية نقل على إثرها اللورد كرومر حاكم مصر إلى إنجلترا بعد ربع قرن قضاها على أرض المحروسة.

خلدت الدولة المصرية إبان فترة حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر تلك الواقعة بإقامتها لمتحف دنشواى في نفس المكان الذي شهد محاكمة الفلاحين، قبل أن يتم إعادة بنائه عام 1991، ليصبح متحفًا ضخما يحوى بين جدرانه ملابس وتماثيل لشهداء المجزرة بالإضافة لبعض المخطوطات والمشنقة التي تم استخدامها في إعدام الفلاحين.
الجريدة الرسمية