رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة تتفاقم! (١)


"أزمة صحافتنا، خاصة القومية، ليست أزمة عادية، وإنما هي أزمة مركبة، أو ثلاثية الأبعاد.. مهنية وإدارية ومالية"، هذا ماقلته في آخر مؤتمر للصحفيين نظمته قبل سنوات نقابة الصحفيين، في دراسة نشرتها النقابة ضمن دراسات وتقارير أخرى في كتاب.. غير اننى أضيف اليوم وبعد أن جرت في النهر مياه عديدة، أن هذه الأزمة المركبة التي تعيشها صحافتنا تتفاقم، وبالتالى فإن علاجها تتزايد تكلفته وصعوبته.


واليوم نتحدث عن البعد أو الوجه الأول لهذه الأزمة، وهو المهنية.. فإن صحافتنا، خاصة القومية، تقع بسبب تراجع وضعف المهنية في أخطاء كبيرة وفادحة ومثيرة دوما للاستفزاز.. فلم يعد الأمر يقتصر فقط على عدم التحقق من صحة ما ينشر والتأكد من سلامة ما يتم الحصول عليه من معلومات قبل النشر، وإنما تجاوزت الأخطاء ذلك، حتى صارت خطايا..

مثل النقل من مواقع التواصل الاجتماعى وَمِمَّا يروجه الإخوان من كلام بعبله، كما يقال، أو بما يحتويه من تشويه لانتفاضة الشعب في يونيو ٢٠١٣، بوصفها بالانقلاب!

لقد تخطت الأخطاء المهنية كل الحدود المقبولة، وصارت متكررة، حتى بات أمرا مألوفا لدى القراء الذي قل بالطبع إقبالهم على صحافتنا الورقية، وانصرفت اعداد كبيرة منهم عن شرائها، بعد أن فقدوا الجديد فيها، ورأوا أنها تقدم لهم ما هو أشبه بالبطيخ البايت الذي سبق أن قدمتهم مبكرا لهم الفضائيات والمواقع الإلكترونية من قبل.

ولعل ذلك سببه الأساسى هو توقف التدريب الصحفى والمهنى لشباب الصحفيين الذي كان يتم من خلال مجموعة مدارس صحفية، مثل مدارس الأهرام، والأخبار، ودار الهلال، وروزاليوسف.. فضلا عن تراجع الاهتمام بالشرط الخاص بالمهنية عند اختيار القيادات الصحفية، وإعلاء شروط أخرى عليه سبقته.

إن أي حل لأزمة الصحافة يتجاهل إعادة الاعتبار للمهنية، لن يكون حلا ناجحا أو مفيدا.. وإنما سيكون مجرد مسكن لبعض الوقت، وسوف تستمر الأزمة بعدها وتتفاقم أكثر.. وإعادة الاعتبار للمهنية يتم عبر مراعاة ذلك أولا عند اختيار القيادات الصحفية، وعودة التدريب المهنى بمدارسة المتنوعة لصحفيينا، وقيام نقابة الصحفيين بمسؤلياتها في محاسبة الصحفيين على ما يرتكبونه من أخطاء مهنية، ورفع يد أية جهة غير صحفية عن متابعة شئون الصحافة التي تزدهر دوما كلما حظيت بما تحتاجه من حرية.
الجريدة الرسمية